مشاورات مُكثفة حول «الإطار المصري» لإنهاء «حرب غزة» ||  وفد «حماس» يبحث في القاهرة مقترح وقف إطلاق النار

أسامة السعيد

تكثّف مصر مشاوراتها واتصالاتها لاستطلاع مواقف الأطراف المعنية بـ«الإطار المقترح» من جانبها لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وفيما أعلنت حركة «حماس» إيفاد وفد من مسؤوليها إلى القاهرة للتباحث بشأن الطرح المصري، تستمر الاتصالات المصرية على المسار الإسرائيلي كذلك، سيما وأن «حكومة الحرب» في تل أبيب لم تعلن إلى الآن موقفاً رسمياً، ولا تزال تدرس «مقترحين منفصلين» قدمتهما قطر ومصر بشأن تبادل الأسرى، وفق إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.

وذكر مسؤول في حركة «حماس» أن وفداً منها توجه إلى القاهرة، الجمعة، لتقديم ملاحظات بشأن «مبادرة مصرية تنص على وقف لإطلاق النار ينهي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة». وأشار المسؤول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن وفداً «رفيع المستوى» من المكتب السياسي لـ«حماس» توجه، الجمعة، إلى القاهرة لعقد لقاءات مع المسؤولين بمصر ولإبلاغ رد الفصائل الفلسطينية الذي يتضمن جملة من الملاحظات. وأضاف أن لدى الفصائل جملة من النقاط والملاحظات بشأن تبادل الأسرى وأعداد الأسرى الفلسطينيين للإفراج عنهم، وضمانات الانسحاب العسكري بشكل كامل من قطاع غزة.

فيما قال هيثم أبو الغزلان، أمين سر العلاقات في حركة «الجهاد الإسلامي»، إن هناك مشاورات فلسطينية تجري حالياً لتشكيل حكومة وحدة وطنية في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأضاف أبو الغزلان في تصريحات لوكالة «أنباء العالم العربي»، الجمعة، أنه «تم الاتفاق على تشكيل حكومة متوافق عليها فلسطينياً، وستكون حكومة انتقالية وحكومة تكنوقراط تتولى مسؤولية إعادة إعمار غزة في مرحلة ما بعد الحرب».

وفي وقت سابق، قالت حركة «حماس» إنها اتفقت مع فصائل فلسطينية أخرى على «حل وطني» يقوم على تشكيل حكومة وحدة، مؤكدة وقف الحرب على غزة قبل أي تبادل للمحتجزين مع إسرائيل. وأضافت «حماس»، في بيان الخميس، أن الفصائل الفلسطينية التي تشمل أيضاً حركة «الجهاد» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و«الجبهة الديمقراطية»، عبّرت عن رفضها للسيناريوهات الإسرائيلية والغربية لما بعد الحرب في غزة.

وتابع أبو الغزلان تصريحاته قائلاً: «هناك اجتماعات على مدار الساعة لإنجاز تصور لهذه الحكومة وإعطاء المصريين رداً موحداً من الفصائل الفلسطينية أو من معظمها على الأقل على ما قدموه في مقترحهم لوقف إطلاق النار أخيراً».

عن موقف حركة «الجهاد» من المقترح المصري، قال أبو الغزلان: «بالمبدأ نرحب بأي جهود مبذولة من أجل وقف العدوان على شعبنا»، لكنه استطرد قائلاً: «لا نريد أن تعلق حركة (الجهاد) منفردة على المقترح المصري، ولا حركة (حماس) منفردة، لكن نريد رداً فلسطينياً أو على الأقل رداً من معظم الفصائل الفلسطينية في ورقة مشتركة على ورقة المبادئ والتصورات التي قدمتها مصر».

مقترح مصري

وكان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، أكد أن بلاده «لم تتلق حتى الآن أي ردود من أي طرف من الأطراف المعنية» بشأن على ما وصفه بـ(الإطار المقترح)»، موضحاً أن «المقترح يتضمن 3 مراحل متتالية ومرتبطة معاً، وتنتهي إلى وقف إطلاق النار». وأضاف رشوان، في بيان الخميس، أنه عند ورود الردود من الأطراف المعنية «سيتم بلورة المقترح بصورة مفصلة، وسيتم إعلانه كاملاً للرأي العام المصري والعربي والعالمي»، مشدداً على أن كل ما يتعلق بموضوع الحكومة الفلسطينية «هو موضوع فلسطيني محض، وهو محل نقاش بين كل الأطراف الفلسطينية».

وأكد مصدر مصري مسؤول، الثلاثاء الماضي، أن ما يتم تناوله بشأن مقترح مصري لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، هو «مقترح أولي وستتم بلورة موقف متكامل عقب حصول القاهرة على موافقة كافة الأطراف». وفي اليوم نفسه، أفادت مصادر مصرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بـ«وصول وفد إسرائيلي إلى القاهرة لمناقشة اتفاق تهدئة جديد لتبادل الرهائن الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين».

من جانبه، أشار الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، إلى أن التعاطي المصري مع ردود الفعل المتعلقة بما تم طرحه من رؤية لإنهاء الحرب «يتسم بالانفتاح والمرونة»، مشدداً على أن «مصر تعمل وفق مقاربة شاملة مع مختلف الأطراف، وتستهدف إنهاء قريباً للحرب، وتهيئة الأجواء من أجل حلول سياسية بعد النجاح في وقف إطلاق النار». وأضاف فهمي لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا أفق زمني مطروحاً لتلقي الردود من الأطراف المعنية»، لكنه أشار إلى ضرورة أن تتجاوب الأطراف المختلفة بإيجابية مع الطرح المصري، الذي وصفه بأنه «الوحيد المطروح حالياً»، فضلاً عن قدرة القاهرة على إدارة عملية التفاوض، التي وصفها بـ«المعقدة والمتشابكة»، بشأن إقرار اتفاق تبادل الأسرى وتنفيذ إجراءات إنهاء الحرب على الأرض.

وكانت وثيقة اطلعت عليها وكالة «أنباء العالم العربي» كشفت عن تفاصيل المقترح المصري المحدث للوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار بعد تطبيق خطة من ثلاث مراحل، تتضمن «أولاها هدنة إنسانية مدتها عشرة أيام تفرج (حماس) خلالها عن كافة المدنيين المحتجزين لديها من الأطفال والنساء وكبار السن مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب يتم الاتفاق عليه من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، أما المرحلة الثانية فتشمل الإفراج عن كافة المجندات المحتجزات لدى (حماس) مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من الأسرى الفلسطينيين يتفق عليه الجانبان، بحسب الوثيقة، والمرحلة الثالثة تتضمن التفاوض لمدة شهر حول إفراج حركة (حماس) عن كافة الجنود المحتجزين لديها مقابل إفراج إسرائيل عن عدد يتم الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين».

ترتيبات «اليوم التالي»

بدوره، أشار سفير فلسطين الأسبق لدى القاهرة، بركات الفرا، إلى أن المشاورات الجارية حالياً حول الرؤية المطروحة من جانب مصر «تحتاج إلى عمل مكثف لإنضاجها»، مؤكداً أن «هناك العديد من الأطراف المعنية بالأمر، ولكل منها رؤية مغايرة تماماً عن الطرف الآخر». ولفت إلى أن «الأمر لا يتعلق فقط بالفلسطينيين والإسرائيليين فحسب؛ بل هناك في داخل المسار الفلسطيني أكثر من وجهة نظر، فهناك رؤية للسلطة الوطنية وأخرى للفصائل، وفي إسرائيل هناك كذلك انقسامات بين ما تراه أجهزة الاستخبارات وما تريده القيادات العسكرية، وما تسعى إليه قوى اليمين المتطرف».

وأضاف الفرا لـ«الشرق الأوسط»، أن الأمر يتطلب كذلك توافقاً إقليمياً ودولياً بشأن ما بات يُعرف بـ«ترتيبات اليوم التالي»، عقب انتهاء الحرب، وهي مسألة «دقيقة للغاية»، الأمر الذي يفرض على القاهرة «مسؤولية مضاعفة لمحاولة استيعاب تلك الرؤى المتناقضة أحياناً»، فضلاً عن مواجهة ما تطرحه الولايات المتحدة وإسرائيل من أفكار «لا تبدو محل قبول عربي أو فلسطيني حتى الآن».

يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أشار، الخميس، إلى أن إسرائيل تعمل على دراسة «مقترحين منفصلين»، تقدمت بهما قطر ومصر طرحتا للمضي قدماً في مسألة تبادل الأسرى.

وقال نتنياهو لأقارب الرهائن خلال لقاء معهم في تل أبيب: «نحن نجري اتصالات في هذه اللحظة بالذات… لا أستطيع كشف تفاصيل الوضع، ونحن نعمل على إعادة الرهائن جميعاً، وهذا هو هدفنا».

واستبق اللقاء اجتماعاً لمجلس وزراء الحرب الإسرائيلي مخصص لبحث مقترح قطري جديد يركز على صفقة جزئية تتضمن الإفراج عن 40 من الرهائن مقابل «إفراج سخي» من جانب إسرائيل عن أسرى فلسطينيين وهدنة لمدة أسبوعين، حسبما أفادت القناة «12 الإسرائيلية».

المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى