محمد سلام قامة وطنية سورية، ورجل قانون، وُلد وعاش في دوما. كان همّه الشاغل حياة الناس، وعاش معطاءً في كل ما يملك، ودودًا محبًا الناس، شهمًا، كريمًا في كل ما يمكنه. انبرى للعمل العام منذ نعومة أظافره؛ فكان ذلك الرجل الوطني السوري الذي لا يعرف الركون إلى الاستبداد المشرقي سيئ الصيت، فأعطى العملَ الوطني السوري الكثير، وجاب الوطن شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا من أجل فكرة آمن بها في الديمقراطية والعدالة مع رفيقي دربه الراحلَين ياسين الحافظ وإلياس مرقص.
محمد سلام (أبو ياسر) رجل وطني سوري بامتياز، ولد في مدينة دوما، عام 1939، كان والده علي سلام من المجاهدين الذين ناضلوا ضد الاحتلال الفرنسي في ريف دمشق، درس وتخرج في كلية الحقوق، وانتسب إلى نقابة المحاماة عام1982، وافتتح مكتبًا له عام 1985، ليمتهن المحاماة التي رآها طريقًا للدفاع عن الحقوق وتحصيلها، من خلال عمل حر غير مرتبط بالحكومة.
شارك مبكرًا، منذ بداية شبابه، في الحراك السياسي، وقد نشط في العديد من الحركات والأحزاب السياسية في سورية، وذلك في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الفائت في مرحلة المد القومي العربي، بعد ثورة 23 تموز/ يوليو في مصر، التي قادها جمال عبد الناصر.
ثم كان من الأعضاء القياديين في المعارضة السورية المتمثلة في التجمع الوطني الديمقراطي، وفي حزبه حزب العمال الثوري العربي، حيث تدرج في المسؤوليات إلى أن وصل إلى مرتبة الأمين العام، قبل وفاته في 15 أيلول/سبتمبر 2003.
التزم في حياته المهنية والسياسية والشخصية مبادئ الحداثة والديمقراطية، ومواجهة الاستبداد والتخلف، وانحاز إلى الطبقات الشعبية، ومثَّل في سيرته العطرة نموذجًا للمثقف الوطني الديمقراطي السوري الذي يعمل بفكره ونضاله من أجل بناء دولة المواطنة الحرة، وانفتاح سورية على حاضنتها العربية.
يقول الكاتب السوري منير الخطيب: “لم تكن السياسة، بالنسبة إليه، رؤية حربوية ضيقة، بل كانت موقفًا عامًا من الحياة والبشر؛ فكان يحمل، في داخله المسكون بالهم العام، شخصية نبيلة ومعطاءة إلى درجة لا حدود لها من النبل والعطاء، شخصية تمتزج فيها العقلانية بالتواضع، ويمتزج فيها وجهه الشعبي بثقافته السياسية، فكان صديقًا وفيًا، إلى أبعد درجات الوفاء لجميع من عرفه”.
حقيقة لم تكن السياسة بالنسبة إليه تكتكة أو هرطقة أو ركوبًا لهذه الموجة أو تلك، بل كانت ذهابًا نحو العمق إلى تأسيسها في وجدان البشر وضمائرهم، بوصفها حقًا من حقوق المواطن، في العصر الحديث. وهذا ما دأب على الاشتغال عليه طوال حياته المليئة بالحركة والنضال من أجل سورية ديمقراطية مدنية خالية من القهر والاستبداد.
وقد حرص المحامي الوطني محمد سلام على مدّ يد المساعدة للجميع، وعُرف عنه ميله إلى حل النزاعات سلميًا، والعمل على عدم وصول الخلافات إلى القضاء، قدر ما يستطيع.
كان محبوبًا من أهل بلدته، وساعيًا لعمل الخير؛ فساهم بتأسيس الجمعية الخيرية في دوما. وساهم في نشاطها.
المصدر: جيرون