أخر الأخبار

إرهاصات الثورة السورية في حماة

معقل زهور عدي

ضمن ” لجان نصرة العراق ” التي انتشرت في سورية بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 تشكلت في حماة لجنة لنصرة العراق , كانت فرصة أيضا لنشاط مدني- أهلي مستقل عن السلطة التي احتكرت الساحة السياسية وأخضعت النشاطات الاجتماعية لرقابة مشددة .

قبل يوم الجلاء بعدة أيام , اجتمعنا في منزل الدكتورة فداء حوراني , وضعنا خطة لاحتفالية أهلية بعيد الجلاء , كان اللقاء والاجتماع عند النصب التذكاري للشهداء الذين سقطوا عند مدخل حماة الجنوبي في المعركة المشهورة التي انتصرت فيها حماة على حملة عسكرية فرنسية وقتلت قائد الحملة وغنمت عتاد الحملة بعد أن أبادتها تقريبا .

حوالي الساعة العاشرة صباحا التقينا عند النصب التذكاري , كنا مجموعة من حوالي 50 رجلا وامرأة وطفلا , نحمل الأزهار والبالونات وكان الأطفال ينشدون ويغنون .

أصيبت عناصر مخابرات النظام التي سارعت للموقع بالذهول , فهاهنا أناس مسالمون , البعض من مدينة حماة والبعض جاء من مصياف مع السيدة ندى الخش , ومعهم الأطفال والبالونات والأزهار وإكليل من الورد لأجل وضعه على النصب التذكاري , لم يكن الإحتفال موجها ضد النظام فهو مجرد احتفالية أهلية بذكرى الجلاء الوطنية .

كظم الجهاز الأمني غيظه , واكتفت عناصر المخابرات بمراقبة الوضع عن كثب دون أن تتدخل , ربما كانوا ينتظرون أي هتاف ضد النظام أو مايشبه ذلك , لكن المحتفلين لم يمنحوهم العذر للتدخل .

لا أستطيع للأسف تذكر الكثيرين ممن شاركوا في تلك اللحظة النادرة التي لم تعهدها حماة منذ زمن طويل , لكني سأذكر هنا الدكتور عادل زكار رحمه الله والدكتورة فداء حوراني التي كانت شعلة من الحماس والسيدة المهندسة ندى الخش وأعتذر لمن لم يرد ذكرهم .

أنشد الأطفال وغنوا , ارتفعت البالونات , وضع الدكتور عادل والدكتورة فداء الإكليل على النصب , ألقيت قصيدتي التي أوردها هنا .

لاشك أن الأطفال الذين كانوا معنا أصبحوا كبارا الآن , أما نحن فمازلنا معلقين بسورية الحلم , مازال الأمل بالمستقبل , لأولادنا وأحفادنا ولسورية العشق الأزلي .

نص قصيدتي التي ألقيتها في ذلك التجمع الصغير الكبير بدلالاته .

إلى حبيبتي سورية بمناسبة الجلاء

عشقتك مذ كانت الكائنات وقبل الضياء وقبل المطر

وحين أموت سينسل عشقي إليك كسيل على منحدر

وفي العشق لايرتوي العاشقون ولايطفىء الشوق نيل الوطر

بلادي ويرجف في الفؤاد واسمك ينشق منه الحجر

كأن سمائك فوق السماء وعتمة ليلك مثل القمر

بلادي وذكرك مثل الصلاة أحن إليه بجوف السهر

كأن ترابك عطر التراب وطهر لمن شاء أن يطهر

فهل عجبا أن سقتك الدماء وصار افتداؤك دينا حضر

تسابق في الذود عنك الرجال كما هطل المطر المنهمر

فكان الجلاء كإكليل غار وفجرا يطل بأبهى الصور

وكم من شهيد قضى نحبه ونحو الجلاء يشد البصر

فكيف تلاشت معاني الكفاح وبات الإباء كمن يحتضر

وكيف ارتضينا بذل الحياة وطبع العبيد نما واستقر

وحرية عمدتها الدماء تشربها وطن منتصر

شكونا لها ضعفنا والهوان فهبت كزوبعة تنفجر

وصاحت بنا أن روح الحياة تعاف الخنوع وتهوى الخطر

بلادي يحيط بها الطامعون وشر يهددها مستطر

فلا ذاقت العين طعم الرقاد ولاقبلت عذر من يعتذر

إذا الأرض ضاعت ففيم الحياة بل القبر خير لمن يستتر

جلاء يهدده الطامعون سينقذه بطل مقتدر

هو الشعب ينهض من نومه فيغدو القضاء ويغدو القدر

 

حماة في 15/4/2005

 

زر الذهاب إلى الأعلى