اعتماد الولايات المتحدة على التكنولوجيا الحساسة يجعلها منكشفة أمام الهجمات
على رغم كل منافعها الهائلة، تتضمن التكنولوجيا الرقمية ما لا يحصى من الجوانب السلبية. إذ تتيح الخليويات تحديد مواقع حامليها، فتضرب خصوصيتهم. ومن المستطاع التلاعب بالبيانات الرقمية وتدميرها. وتستطيع أطراف لها نوايا سيئة أن تستولي على الأنظمة الميكانيكية، بمجرد اختراقها ثغرات في الوقاية الرقمية لتلك الأنظمة.
في المقابل، يتصاعد الدور الأساسي الذي تؤديه التقنيات الرقمية في الحياة اليومية، إضافة إلى أنها باتت تحفز النمو الاقتصادي وترفع مستوى الإنتاجية وتتيح الوصول إلى المعلومات على مستوى غير معهود في تاريخ البشرية. ويتوجب على المجتمعات البشرية أن تجتهد في التعامل مع الصفقة الشيطانية التي ارتسمت مع تلك التقنيات، ما يعني أنها مضطرة إلى الاعتماد على القدرات الرقمية التي تعمل على جعلها منكشفة أمام الهجمات الرقمية، إلى حدود قصوى.
وتتبدى تلك الإشكاليات وتتوضح مدى خطورتها على أوسع أمديتها، أثناء خوض غمار الحرب. إذ تعتمد الجيوش الحديثة، ومن بينها جيش الولايات المتحدة، على القدرات الرقمية في معظم أعمالها. إذ يُعتمد على النُظُم المتطورة والمعقدة للتكنولوجيا الرقمية في جمع البيانات وتخزينها ونشرها؛ وكذلك يُعتمَدُ عليها في عمليات التنقل الواسع والسيطرة والقيادة والإدارة اللوجستية وأعمال الاستخبارات والاستهداف.
بالتالي، يؤدي الاستيلاء على تلك البيانات وتسخيرها، مِنْ قِبَل أعداء، إلى إحداث فوضى عارمة وتخريب واسع في عمليات الجيش الأميركي. وفيما تدأب الدول والمؤسسات على تطوير قدرات حربية رقمية جديدة، تحوز كل منها إمكانيات تدميرية أشد وأقوى من سابقاتها؛ يتوجب على الولايات المتحدة أن تجهد في إحاطة نفسها بطبقات واقية تعزلها وتحميها من تلك الهجمات، وإلا فستستجلب على نفسها هجوماً قد يُلقي القوات العسكرية الأميركية في مسارات مميتة.
ذباب في الطلاء الرقمية
بدلت التقنيات الرقمية المعدات العسكرية بشكل جذري. وفي حقبة السبعينيات من القرن العشرين، أدى التطور في صناعة الرقاقات الإلكترونية إلى تعزيز دقة الذخائر الدقيقة التوجيه. وبعد عقدين، شكلت الإنترنت أداة للربط بين تلك “الأسلحة الذكية”، فنُسِجَتْ شبكات من المجسات ومُطلقي الذخائر الذكية، ما أدى إلى زيادة متسارعة في سرعة المعدات العسكرية ودقتها في آن معاً. بالتالي، أطلقت ثورة المعلوماتية، وفق ما سُميَّتْ آنذاك، وعوداً بتقديم فوائد كبرى للدول التي تتبنى النُظُم المعلوماتية.
جاء برهانٌ عن مدى قدرة الأدوات الحربية الرقمية على تغيير قواعد اللعبة، عِبْرَ “حرب الخليج” [عاصفة الصحراء] التي خاضتها الولايات المتحدة بين 1990- 1991. إذ استعمل الجيش الأميركي أسلحة ذكية فيما نُسِّقَتْ ضرباتها بفضل نُظُم الاتصالات المتطورة، ما أسهم في هزيمة القوات العراقية.
واليوم باتت المعدات العسكرية المرقمنة التي نُظِر إليها كمسار ثوري في القدرات العسكرية، تُعَرَّفْ بأنها الطريقة التي تخوض فيها الدول حروبها ومنافساتها. وفي الوقت الراهن، جسّدَتْ الاشتباكات المتكررة بين أرمينيا وأذربيجان، أهمية استعمال الطائرات المسيّرة “درون”؛ فيما انخرطت كوريا الشمالية في أعمال السرقة التكنولوجية بالوسائل السيبرانية كطريقة لتجنب العقوبات؛ وأرستْ الصين برنامجاً ضخماً للتجسس الرقمي يستهدف الولايات المتحدة. وكذلك كثّفت الولايات المتحدة جهودها لصنع تكامل بين المعدات الإلكترونية والمعلوماتية وبين قدراتها في أدوات الصراع العسكري على الأرض.
في المقابل، فإن القدرات الرقمية نفسها التي مكّنت الولايات المتحدة من ذلك التطور الضخم في قدراتها العسكرية، باتت هي نفسها عرضة لهجمات متعددة الأنواع. ومثلاً، إن الأقمار الاصطناعية المخصصة للإنذار المبكر تعتبر أداة أساسية في أي استجابة حيال هجمة نووية، لكنها باتت عرضة للتضليل أو الاختراق من قِبَل قراصنة الإنترنت. ويُتَرجَم ذلك التعرّض إلى إمكانية حدوث تآكل في متانة الردع النووي. وقد تدفع تلك الوضعية الملتبسة بعض الدول إلى توجيه ضربات نووية كرد فعل على تهديدات متوهمة وغير موجودة. وكذلك قد تتمكن هجمات سيبرانية وضربات استباقية بأسلحة كهرومغناطيسية، من شل قدرة القوات الجوية كتمهيد لتوجيه ضربات نووية فعلية. ثمة إمكانية لإفشال التقنيات الرقمية التي تتكل عليها المجتمعات والجيوش، عبر ضربات على بنيتها التحتية كمحطات التوصيل [في الشبكات الرقمية] والكوابل والمنشآت التي تحتوي قواعد البيانات؛ ما يجعل تلك البنية كلها مواضع ثابتة تُستَهْدَف بأعمال التخريب والذخائر الدقيقة التوجيه. وكذلك يؤدي الاتكال على المكوّنات المتقدمة تكنولوجياً إلى تعريض التقنيات الرقمية كلها إلى أخطار اهتزاز سلاسل الإمدادات. ومثلاً، تميل الدول التي تحوز ترسانة ضخمة من الأسلحة الدقيقة التوجيه، إلى الاعتماد على استمرارية وصولها إلى الرقاقات الإلكترونية اللازمة لتجهيز أسلحتها، لكن قواتها العسكرية تصير عرضة للشلل في حال انقطاع سلاسل الإمدادات.
إذاً، إن اعتماد الدول على التقنيات الرقمية يحمل في طياته أخطاراً كبرى، خصوصاً بالنسبة إلى الاستخبارات. إذ تستعمل الوسائل الرقمية في تخزين كميات ضخمة من المعلومات الحساسة، وتحليلها ونقلها؛ ما يولّد فوائد قيِّمَة للدول التي وضعت استثمارات كبرى في عمليات جمع البيانات وتحليلها. وقدمت الولايات المتحدة حالة نموذجية عن الإمكانات الهائلة التي تحوزها العمليات الاستخباراتية الرقمية المتعلقة بجمع البيانات، تجسدت بعملياتها لمكافحة الإرهاب في أفغانستان والعراق؛ إذ وَظَّفَتْ فيها كميات ضخمة من الصور والأفلام الرقمية، إضافة إلى الخليويات والبيانات المتأتية من تتبع الإشارات؛ بغية توجيه ضربات للأهداف الإرهابية على الأرض مِنْ بُعدْ آلاف الأميال. في المقابل، أدى اختراق الشبكة الرقمية لـ”مكتب إدارة الطواقم البشرية” إلى السطو على أكثر من عشرين مليون سجِلْ تحتوي معلومات خاصة عن الموظفين الفيدراليين الأميركيين، وتلك خطوة فذَّةْ لا نظير لها في أعمال الاستخبارات التقليدية، إلى إلقاء الضوء على ضعف الحماية الرقمية لمخازن البيانات الرقمية.
واستكمالاً، تَصْدُر تلك الأخطار من الداخل والخارج على حد سواء. وفي 2013، استعمل إدوارد سنودن المتعاقد المتوسط المستوى مع “وكالة الأمن القومي” الصلاحيات المعطاة إليه في الوصول إلى المعلومات، كي يسطو على كميات هائلة من البيانات، ما حطم قدرة الولايات المتحدة في جمع المعلومات عن أهداف معيّنة تعمل على تخريب العمليات العسكرية والاستخباراتية للولايات المتحدة.
وحاضراً، يتمظهر هذا التجاذب بين ضرورة التكنولوجيا والأخطار التي ترافقها، في أوكرانيا حيث تعمل الجهود الرامية إلى التفوق في الصراع الرقمي العسكري، على حسم ملامح الصراع الفعلي على الأرض. لقد نالت أوكرانيا اليد العليا حيال خصم أضخم منها، بفضل تقنيات تشمل المدفعية الموجهة بنظام “جي بي أس”، والمُسيّرات الصغيرة وأشرطة الفيديو التي صورها مدنيون؛ مكَّنَتْ كييف من توجيه ضربات فائقة الدقة ضد أهداف روسية.
فيما أظهرت الهجمات الروسية مدى هشاشة تلك التكنولوجيا، وكذلك إمكانية عدم موثوقيتها. وقد تتمكن هجمات سيبرانية روسية على أقمار الاتصالات الاصطناعية من فصل قوات أوكرانية عن قياداتها؛ فيما تعمل هجمات تُشَنْ ضد نظام “جي بي أس” على وقف تدفقه ما يضيع فاعلية المدفعية الذكية [التي تعمل بتوجيه من ذلك النظام]، وتدمر الهجمات الكهرومغناطيسية قرابة خمسة آلاف مسيّرة كل شهر. بالتالي، يتوجب على أوكرانيا والدول الأخرى الساعية إلى تبديل قدراتها المسلحة كي تتوافق مع معدات الحرب الرقمية المستقبلية؛ أن تبحث عن طريقة لجعل تلك النُظُم أقل هشاشة.
تبادلات ضرورية
يتمثل الخيار الوحيد المتاح أمام الولايات المتحدة في العمل على وقاية نفسها من الهجمات الرقمية. ليس من الواقعي رفض التقنيات الرقمية جملة وتفصيلاً لمصلحة الاستمرار في تبني التقنيات التقليدية. في الوقت نفسه، لن يؤدي أي مستوى من التوظيفات في المال والبشر، إلى ضمان الأمن المطلق. يتوجب على الحكومات تقبّل أن محاولاتها تعزيز قدراتها الرقمية تتضمن بحد ذاتها تعرضها لانكشافات ونقاط ضعف جديدة. وحاضراً، تنخرط مجموعة من الدول في ذلك النوع من التبادل [بين التقدم التقني والأخطار المتضمنة فيه] لكنها لا تملك سوى القليل من التوجيه بشأن كيفية التعامل مع الأخطار وتخفيف تأثيراتها.
على مدار عقد كامل، انخرط الجيش الأميركي في النقاشات الجارية عن كيفية بناء المرونة اللازمة حيال الأخطار الرقمية [تعني المرونة Resilience مزيج من الصمود والقدرة على التجاوب وامتصاص الضربات والتأثيرات السلبية].
إذ يعتقد بعض صُنّاع السياسة أن الحل يكمن في الاستثمار بشكل وافر مع صنع نسخ كثيرة عن الأشياء نفسها، خصوصاً في القدرات العسكرية الحساسة؛ ويعتبرون ذلك الطريقة المثلى لتحقيق المرونة. في المقابل، ثمة من يدعو إلى تقليل الأخطار عبر تقييد وصول شركات التكنولوجيا الأجنبية، أو حظرها، خصوصاً الآتية من خصوم كالصين، إلى المعلومات العسكرية وسلاسل الإمداد المتصلة بتقنيات الاتصالات.
وعلى رغم تلك التوجهات الرفعية المستوى، لم تحقق واشنطن سوى القليل من التقدم في صنع أنظمة تتمتع بالمرونة المطلوبة. وبصورة روتينية، ينشر “مكتب الموثوقية الحكومية”، وهي وكالة للتدقيق غير حزبية؛ تقارير توثّق النواقص المستمرة والوازنة في مدى تنبّه العسكريين من الهشاشات الرقمية الكامنة في مسار عملية تبني التكنولوجيا. إذ يبدي صُنّاع السياسة قلقهم بشأن الأمن الرقمي المتعلق بأنظمة الأسلحة الحساسة على غرار نظم قيادة الأسلحة النووية والسيطرة عليها، أو المقاتلات الحربية المتطورة مثلاً. ويظهر ذلك القلق غالباً بعد وضع التصاميم والمخطات المتعلقة بتلك الأسلحة، وليس أثناء بداية العمل على تطويرها. في المقابل، تجدر ملاحظة أن الولايات المتحدة وحلفاءها باتوا فائقي الاتكال على تكنولوجيات مملؤة بالهشاشات ونقاط الضعف، ما يعني أن الولايات المتحدة تأخرت في إعطاء الأولوية للمرونة الرقمية.
كذلك يسعى صُنّاع السياسة، خصوصاً أولئك الموجودين في وزارة الدفاع، إلى إنشاء أنظمة أكثر مرونة تستطيع الصمود في مواجهة هجمات رقمية. لكن، يتوجب عليهم أيضاً أن يتعلموا بعض الأمور من القطاعات التي حققت تقدماً وازناً في الأمن الرقمي، أي الصناعات والأعمال التي تحيطها تشريعات كثيفة على غرار قطاع الخدمات المالية. وإذ غدا قطاع الخدمات المالية العالمي معتمداً بصورة كلية على التقنية الرقمية، فإنه أيضاً صار عرضة للانهيار تحت وطأة الهجمات الرقمية لولا تمتعه بالمرونة. وبغية ضمان أمنهم، عمدت المؤسسات المالية إلى ضخ استثمارات في عزل نفسها عن تلك الأخطار مع استمرارها في الاستعداد لمواجهة حوادث كوارثية على غرار حدوث هجمات سيبرانية كبرى تشرف عليها دولة ما.
وقد شجّعتْ قوى أخرى في القطاع الخاص ذلك النوع من الجهود. إذ حفزت شركات التأمين علميات الاستثمار في قدرات المرونة والأمن؛ فيما هددت هيئات تشريعية بفرض غرامات على حالات عدم التجاوب مع التوجّهات الريادية في الممارسة والمتطلبات. وثمة على تلك الأخيرة ظهر مع إجبار شركة “كابيتال وان” على دفع غرامة 80 مليون دولار إلى أحد البنوك والمشرعين بعد اختراقها بشكل واسع [للتوجيهات والقوانين] في عام 2019. وبالنتيجة، يميل القطاع المالي إلى امتلاك سجل إيجابي في توقع الأخطار الرقمية، وتقييم الهشاشات والانكشافات، وصنع وسائل للاستجابة والمحافظة على استمرارية العمليات في حالة حدوث اضطرابات واسعة.
تتسم تلك المقاربة بالصعوبة. وفي قطاع الخدمات المالية، لم تتوصل حتى أشد المؤسسات رسوخاً سوى الآن، إلى نقطة التعامل الفاعل مع أصولها الرقمية، إضافة إلى فهم الهشاشة الأصيلة الكامنة في بنيتها التحتية. وتواجه وزارة الدفاع درباً أشد وعورة. إذ تبقى عملياتها في تحديث تكنولوجيا المعلومات متأخرة عمّا وصلت إليه معظم الكيانات الناضجة في القطاع الخاص. وتمثّل عمليات وزارة الدفاع مزيجاً من منصات تقنية قديمة وحديثة تتفاعل مع بضعها البعض بطرق قد تؤدي إلى هشاشات غير متوقعة كأن يتأتى ذلك مثلاً من وجود برمجيات تستند إلى محركات بحث قديمة، واعتماد نظم السيطرة والإدارة في الأسلحة النووية على الأقراص المرنة.
ولا يملك المسؤولون دائماً رؤية ملائمة عن سلسلة الإمدادات التي تستند إليها الخدمات المحورية الحساسة، ما يُصعِّب ضمان مصادر البرمجيات والمعدات لديهم. وباختصار، إن وزارة الدفاع عالقة في أرض رقمية لا يسيطر أحد عليها [تفصل بين متنازعين وتسمّى أحياناً الأرض الحرام]، ذلك أنها تعتمد على تقنيات رقمية متقادمة باتت مضارها أكبر من فوائدها، في الفاعلية والمرونة معاً.
نهاية التلكؤ
فيما تدأب قوى كبرى في أرجاء العالم على التوظيف والاستثمار في ترساناتها الرقمية، يتوجب على القوات العسكرية الحديثة أن تُقارِبْ مسألة حماية الأنظمة الرقمية الحديثة على أساس دراسة كل حالة على حدة. وأحياناً، سيتوجب على وزارة الدفاع الاستثمار في تقنيات مكلفة، مع إمكانية تكرارها وامتلاك نسخ كثيرة عنها. ويرجع ذلك إلى أن الولايات لا تستطيع أن تخاطر ببساطة، بتوقف تلك الأنظمة في الحالات الطارئة. وتشكل الترسانة النووية الأميركية مساحة واضحة عن ذلك بسبب انخراطها في عملية تحديث مكثفة.
وفيما يتولى صُنّاع السياسة مسألة تحديث الأنظمة المتقادمة، يتوجب عليهم أن يعطوا الأولوية المطلقة لمسألة الأمن الرقمي. ولربما توجب عليهم التفكير جدياً في استعمال تقنيات قديمة كالأقراص المرنة التي قد تفتقد الكفاءة لكنها مأمونة بصورة أصيلة لأنها لا تُنتَجْ على نطاق واسع وبالتالي يصعب على الخصوم تخريبها أو قرصنتها. في المقابل، قد تظهر حالات تغدو فيها القدرات الرقمية المتقدمة خياراً في تحقيق المرونة. ومثلاً، تتيح هندسة سُحب البيانات [التي توضع وتُخزّن على الشبكات] مواجهة وضع قد تفشل فيه إحدى السحب من دون التسبب باضطرابات كبرى في العمليات.
تمتد آفاق مهمة تحقيق المرونة إلى أبعد من ميدان المعركة. إذ يبدو أن الحوادث العالمية الطابع على غرار الجائحات وكوارث المناخ والتهديدات المحدقة بالمؤسسات الديمقراطية، باتت هي الوضعية الطبيعية بأكثر من كونها استثناء. بالتالي، صار لزاماً على صُنّاع السياسة إمعان النظر في آفاق أبعد من التكنولوجيا بحد ذاتها، بحثاً عن طرق أفضل في الدفاع عن البلاد ضد تهديدات جديدة وغير متوقعة. ومثلاً، تستطيع الجيوش تحسين قدراتها في التصدي للـهجمات عبر التدريب والممارسة واختبارات الإجهاد وإدراج الدروس المستفادة ضمن الخطط المستقبلية. وفي خطوة أعمق، قد يتبيّن أن بعض الحوادث المزعزعة للاستقرار هي صعبة ومكلفة وعصية على الردع أو الصد.
في المقابل، إن تجسد تلك الحوادث نوع التحديثات التي تؤدي المرونة فيها الدور الأساس. ومع وضع تلك المعطيات كلها على المحك، يتوجب على الولايات المتحدة أن تستعد لتقبل بعض الإجراءات التي قد تعرضها للخطورة، خصوصاً تقبل حدوث بعض الاضطرابات بوصفها أموراً محتمة، إضافة إلى حدوث إخفاقات على المدى القصير. وفيما يتنامى بروز أنواع جديدة من الأخطار الرقمية والقدرات والمعدات العسكرية، يغدو من الأمور الحاسمة أن تأخذ الولايات المتحدة مسألة المرونة بشكل جدي تماماً. وبخلاف ذلك، ستجد أميركا نفسها وقد انهارت تحت وطأة هجمات يستطيع حلفاؤها وخصومها مواجهتها والتصدي لها.
* إريكا لونرغان، أستاذة مساعدة في الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا.
** جاكلين شنايدر، زميلة باحثة في معهد هوفر بجامعة ستانفورد.
فورين أفيرز سبتمبر (أيلول)/ أكتوبر (تشرين الأول) 2023
المصدر: اندبندنت عربية