لا تطبيع مع النظام دون تنازلات حقيقية

يَشغلُ دان ستوينيسكو منصبَ رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا منذ الأول من شهر أيلول (سبتمبر) عام 2021، وذلك بعد أربع سنوات كان خلالها سفير بلده رومانيا في تونس. تَدرَّجَ ستوينيسكو قبل ذلك في وزارة الخارجية الرومانية، مُتنقلاً بين أقسام مختصّة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أميركا اللاتينية، والشتات الروماني، وشغل منصب مبعوث الحكومة الرومانية إلى رومانيي الخارج برُتبة وزير، بين 2015 و2016. يحمل ستوينسكو شهادة دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بوخارست، حيث قدَّمَ أطروحة بعنوان «القومية العربية والهوية الإسلامية بعد عام 1987».

تندرجُ المقابلة ضمن مجموعة من المواد التي تعمل عليها الجمهورية لمواكبة تَطوُّر المسار السياسي والدبلوماسي المرتبط بالمسألة السورية بعد زلزال 6 شباط (فبراير) وعودة سوريا مُمثَّلة بنظام الأسد إلى جامعة الدول العربية. علماً أننا تَلقّينا أجوبة السفير ستوينسكو بشكل مكتوب في الثاني من هذا الشهر، حزيران (يونيو) 2023.

لنبدأ بآخر التطورات. ما هو موقف الاتحاد الأوروبي من قرار جامعة الدول العربية الأخير بإعادة سوريا إلى عضويتها وإنهاء عُزلة بشار الأسد الدبلوماسية؟ هل فوجئتَ بهذه الخطوة؟ هل تتفهّمُ هدفها النهائي كما ذكرَت الإدارة الأميركية؟

يأخذُ الاتحاد الأوروبي علماً بقرار جامعة الدول العربية بإعادة سوريا إلى عضويتها، وإنهاء عزلتها الدبلوماسية. كما نتفهّم أن جامعة الدول العربية تتألف من دول مستقلة وذات سيادة، تتخذ قراراتها بشكل مستقلّ.

وفي حين أننا نعترُف بقرار الجامعة العربية، فإننا نؤكد مجدداً على موقفنا. يرى الاتحاد الأوروبي أنّ على دمشق أن تُقدِّم تنازلات جوهرية قبل تطبيع العلاقات معها. ورغم أن إعادة الدمج في الجامعة هي بالفعل خطوة ذات دلالة رمزية مهمة، نتّفقُ مع تصريح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بأن هذه الخطوة يجب أن يُنظر لها كبداية لعملية طويلة، وليست تطبيعاً كاملاً. ما يزال الطريق طويلاً، ونحن لا ندعو دمشق إلى الوفاء بالتزاماتها مع الدول العربية فحسب، وعلى النحو المنصوص عليه في إعلان عمّان، وإنما لاتخاذ خطوات حقيقية أيضاً في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، والسيرِ بأمانة مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، في الاتجاه ذاته وعلى مبدأ خطوة بخطوة. لا يزال هناك الكثير الذي ينبغي إنجازه؛ مثل تطبيق مرسوم العفو العام رقم 7 بشكل أكثر شمولاً ومصداقية، والعديد من الخطوات الأخرى.

يواصل الاتحاد الأوروبي دعوته للتوصُّل إلى حلٍّ سياسيٍّ للصراع في سوريا بقيادة مبعوث الأمم المتحدة الخاص، ويؤكد على أهمية قِيَم العدالة والمساءلة. لقد عانى الشعب السوري كثيراً برأينا، ويجبُ محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

تحرَّكَ الكونغرس الأميركي بسرعة لمنع الحكومة الأميركية من تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، وقال وزير الخارجية الفرنسي إنه يجب محاكمة الأسد. هل تعتقد أن مثل هذه التحركات والتصريحات تساعد جهود الحل السياسي في سوريا أم تُعرقلها؟

يتوقّفُ الحلُّ العادل والمُستدام للصراع السوري على تحصيل تنازلات من النظام السوري، وإيجاد تدابير ذات مصداقية لبناء الثقة، تتجاوز مجرّد الوعود. بدون خطوات ملموسة في هذا الاتجاه، يبقى التطبيع أمراً غير وارد بالنسبة لنا. إن الخطوة الأخيرة التي اتخذها الكونغرس الأميركي لمنع الحكومة من تطبيع العلاقات مع النظام السوري، وتأكيدُ وزير الخارجية الفرنسي أنّ بشار الأسد يجب أن تتم محاكمته، يعكسان إجماعاً لدى العديد من الجهات الفاعلة الدولية، على أن العدالة والمساءلة أمران حاسمان لأيّ حلٍّ للصراع.

يقف الاتحاد الأوروبي بحزم في دعمه للجهود المبذولة لتحقيق العدالة والمساءلة. لا يمكن فصل الحلّ السياسي الحقيقي عن هذه العناصر. وبالتالي، فإن الاتحاد الأوروبي يؤيّد بشدة مبادرات رصد انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا والإبلاغ عنها، بما في ذلك جمع الأدلة لتعزيز عمليات العدالة الدولية.

علاوة على ذلك، يَشيدُ الاتحاد الأوروبي بالإجراءات الاستباقية التي اتخذتها دولُهُ الأعضاء في محاسبة مجرمي الحرب السوريين من جميع الأطراف، وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا، اللتَين قدَّمتا مجرمي حرب سوريين أمام المحاكم، الأمرُ الذي يؤكد التزامنا بتحقيق العدالة.

بالتوازي مع هذه الجهود، يُقدّم الاتحاد الأوروبي الدعمَ المباشر لعائلات المفقودين وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.

ما هي أولويات الاتحاد الأوروبي الحالية في التعامل مع الصراع السوري؟ كيف تضمنون معالجة هذه الأولويات؟ هل تَغيَّر نهجكم مؤخراً نتيجةً للزلزال، وكيف؟

منذ اندلاع الصراع عام 2011 والاتحاد الأوروبي ثابتٌ في التزامه بتقديم الدعم للشعب السوري. نحن فخورون بكوننا أكبر جهة مانحة للمساعدات الإنسانية لسوريا، حيث ساهمت دولُنا الأعضاء بأكثر من 27 مليار يورو حتى الآن.

يشملُ الدّعم الذي نقدّمه مختلفَ القطاعات والمجالات داخل سوريا، بما فيها التعليم والرعاية الصحية والتدريب المهني وإشراك المرأة في المحادثات السياسية ودعم المجتمع المدني، من بين مجالات أخرى. لا تقتصر جهودنا على الإغاثة الفورية، بل تهدف إلى تعزيز التعافي المُبكر والقدرة على الصمود لدى المجتمع السوري.

بالتوازي مع هذه المساعي، فإن الاتحاد الأوروبي ما يزال ثابتاً في دعوته للتوصّل إلى حلّ سياسي للصراع، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

بعد وقوع الزلزال الأخير في تركيا وسوريا، نظّم الاتحاد الأوروبي مؤتمراً للمانحين نجحَ في تأمين مبلغ 911 مليون يورو كمِنَح مباشرة لمساعدة سوريا.

يهدف التمويل المخصّص لسوريا إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة وتعزيز جهود التعافي المُبكر والصمود. يديرُ هذه المساعدات وينظّم توزيعَها شركاؤنا الموثوقون على الأرض، بما فيهم منظمات الأمم المتحدة المختلفة، وطيفٌ واسع من المنظمات غير الحكومية العاملة في جميع أنحاء سوريا، لا سيّما في المناطق المتضررة بشكل مباشر من الزلزال. يواصل الاتحاد الأوروبي التكيُّفَ مع الظروف المتغيّرة في سوريا والاستجابة لها، ما يؤكّد التزامنا بالوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المحنة.

لا توجد علاقات دبلوماسية بين الاتحاد الأوروبي والحكومة السورية، لكنك تزورُ دمشقَ بانتظام على حدّ فهمنا، وقد عُدتَ للتو من هناك. ما هي طبيعة هذه الزيارات، وضمن أيّ إطار قانوني وسياسي تحدُث؟ من تُقابل من المسؤولين السوريين؟ وهل تتناولُ محادثاتك القضايا السياسية وحقوق الإنسان أم القضايا الإنسانية فقط؟

في حين قطعَ الاتحاد الأوروبي علاقاته الدبلوماسية مع النظام السوري بشكل رسمي منذ بداية الصراع، إلا أنني، وبصفتي رئيس وفد الاتحاد الأوروبي، أقوم بزيارات منتظمة إلى دمشق مع أعضاء فريقي. خلال هذه الزيارات، نقوم بلقاء ممثلين فنّيين لوزارة الخارجية، عادةً ما يضمّون أفراداً مثل رئيس قسم المنظمات الدولية ومدير المراسم.

مناقشاتنا شاملة، لا تُغطي المسائل الإنسانية فحسب، رغم ما تتطلّبه تلك من حوار مستمر لضمان الوصول والدعم الضروريين، ولكنها تشملُ أيضاً القضايا السياسية وقضايا حقوق الإنسان. إنها توفِّر فرصةً للتعبير عن مواقف الاتحاد الأوروبي ومخاوفه بشأن مجموعة كبيرة من القضايا. هذه الزيارات مستمرة منذ بداية الصراع وهي ليست بالأمر الجديد.

هل تقابلُ خلال زياراتك سوريين لا يخدمون بأي صفة رسمية؟ هل لديك القدرة على زيارة أماكن وبلدات غير وسط دمشق؟ ما الذي يلفتُ انتباهك في هذه الزيارات، مما تراه وتسمعه؟

أجل، عند الذهاب في بعثة إلى دمشق، لا يكتفي وفدُ الاتحاد الأوروبي إلى سوريا بمقابلة مسؤولي وزارة الخارجية، بل إن الاجتماعات الفنية التي نُجريها مع وزارة الخارجية تمثِّل جزءاً بالغ الضآلة من مشاركاتنا في دمشق. إننا نولي أهمية قصوى للتواصل مع أعضاء المجتمع المدني والشركاء الذين ينفذّون المشاريع على الأرض، وهؤلاء يشملون معظم وكالات الأمم المتحدة. هذه المشاركة الواسعة ضرورية لاكتساب فهم شامل للوضع في سوريا، ولضمان تحقيق أهدافنا بشكل جيد وفعّال.

في العام الماضي، قُمنا بزيارة إلى حلب وحماة وحمص مع المنسق المُقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا، حيث تفقّدنا المشاريع التي يموِّل الاتحاد الأوروبي بعضها، وأجرَينا تقييماً للوضع الإنساني العام. نأملُ أن نُجري زيارات إضافية من هذا النوع؛ لرصد الوضع وتقييم الاحتياجات بشكل مباشر. أكثر ما يلفتُ انتباهنا خلال هذه الزيارات هو مدى وعمقُ الاحتياجات اللازمة على كافة المستويات وعبر مختلف القطاعات. لقد عانت سوريا كثيراً خلال العقد الماضي، بحيث أصبحت درجةُ الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية والهيكلية عميقة حقاً.

مع ذلك، إلى جانب الاحتياجات والتحديات، يوجد جانبٌ آخر لافتٌ للانتباه؛ هو إمكانيات المجتمع المدني في سوريا. فعلى الرغم من الصعوبات، يعمل العديد من الأفراد والجماعات بلا كلل لإحداث تغيير إيجابي ضمن مجتمعاتهم. إنّ صمودهم والتزامهم وإبداعهم خيرُ دليلٍ على إمكانات التعافي، وبادرةٌ لمستقبل أكثر إشراقاً في سوريا.

هل يمكنك أن تُشارك قُرّاءَنا العملية الشاملة التي قُمتم من خلالها بوضع جدول أعمال مؤتمر بروكسل؟ إلى أي مدى تتشاورون مع الأطراف السورية في صياغة البرنامج؟

مؤتمر بروكسل فرصةٌ للمجتمع الدولي لإعادة تأكيد دعمه للشعب السوري. ليس المؤتمر مجرّد منصّة للنقاش وتقديم التعهدات لدعم الشعب السوري والمجتمعات المُضيفة للاجئين، وإنما هو وسيلة لإعلاء صوت المجتمع المدني السوري وأفكاره واهتماماته وتطلُّعاته للمستقبل. علاوةً على ذلك، فإنه يُمثِّل مناسبة مهمة لتجديد الزخم من أجل الوصول إلى حلّ سياسي للصراع.

يلعب المجتمع المدني السوري دوراً رئيسياً في وضع جدول أعمال مؤتمر بروكسل. وقد تمكّنا من خلال منصّتنا الافتراضية من الوصول إلى أكثر من 700 فرد ومنظمة ناشطين داخل سوريا وخارجها. أثَّرَ هذا الكمُّ من المشاركات على تحسين جودة الحوار وفهمِنا لآمال ورغبات الشعب السوري في مستقبل بلدهم.

عادة، يتم تنظيم المؤتمر على مدى يومين، يُخصّص الأول للحوار بين المجتمع المدني والدول المستضيفة للاجئين، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، حول مجموعة محددة من المواضيع نتفقُ عليها من خلال المشاورات التي نُجريها مع المجتمع المدني وشركائنا؛ أما اليوم الثاني فيُخصَّص للحدث الوزاري، الذي تُقدّم من خلاله التوصيات والرسائل الرئيسية المُستخلصة من حوار اليوم السابق. يمثّل هذا اليوم فرصة للدول للإعلان عن تعهداتها. ومن خلال دمج النتائج، والإشراك النشط للمجتمع المدني السوري، نسعى لأن تعكس أجندة المؤتمر بدقة احتياجات ومخاوف وتطلّعات الشعب السوري.

نحن نُدرك أنكم تدعمون المبادرات الإنسانية ومبادرات المجتمع المدني في جميع أنحاء سوريا. هل لديكم القدرة على فرض آليات المراقبة والتقييم نفسها على البرامج الممولة من قبل الاتحاد الأوروبي في جميع أنحاء البلد؟

يُقدِّمُ الاتحاد الأوروبي دعمه للمساعدات في جميع أنحاء سوريا من خلال شركائنا، بما فيهم وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية. تسترشد عملياتنا باحتياجات الناس، والمبادئ الإنسانية، وحقّ السكان المتضررين بالمُساءلة، والشفافية والكفاءة والفعّالية.

ويُراقب موظفو المساعدات الإنسانية في المفوضية الأوروبية المشاريع الإنسانية الممولة من الاتحاد الأوروبي بانتظام، ويُجرون عمليات تدقيق وتقييم لضمان المُساءلة والالتزام بالمعايير المعتمدة. ونبقى ملتزمين بأعلى درجات الشفافية والفعّالية في جميع جهودنا الإنسانية.

كما تُشارك مفوضية الاتحاد الأوروبي بشكل نشط في آلية الحوار الإقليمي والنقاشات المتعلقة بعمليات الشراء لدى الأمم المتحدة.

من المهم تَذكُّر أنّ العمليات الإنسانية الخاصة بالاتحاد الأوروبي تتم وفقًا لمعايير تشغيلية صارمة، تستبعد التدخل من النظام أو من أيّ سلطة أخرى. أخيراً، يتحمل الشركاء الدوليون لمفوضية الاتحاد الأوروبي مسؤولية أداء الشُركاء المنفذين وامتثالهم للمبادئ الإنسانية.

تعهّدَ الاتحاد الأوروبي بتقديم دعم سخي للشعب السوري في أعقاب زلزال 6 شباط (فبراير) المدمّر. هل بدأ الدعم يصل إلى المستفيدين المُستهدَفين؟ كيف تُقيّم التقدُّم المحرَز في هذه المسألة سواءً فيما يخصّ مشاريع الاتحاد الأوروبي الخاصة أو بشكل عام؟

كما أسلفتُ الذكر، قدّمَ الاتحاد الأوروبي في أعقاب زلزال 6 شباط المدمّر تعهدات كبيرة لدعم الشعب السوري خلال مؤتمر المانحين الدولي الأخير. ومن إجمالي الالتزامات البالغة 7 مليارات يورو، خُصصت 6.05 مليار يورو كمِنَح وقروض لتركيا، و911 مليون يورو كمِنَح مباشرة لمساعدة سوريا.

إننا نعمل بالشراكة مع العديد من منظمات الأمم المتحدة، وطيف واسع من المنظمات غير الحكومية الناشطة في جميع أنحاء سوريا، لإدارة وتوزيع هذه المساعدات، مع التركيز بشكل خاص على المناطق المتضررة بشكل مباشر من الزلزال.

لقد أحرزنا تقدماً كبيراً في جمع المساعدات التي تعهّدنا بتقديمها، ونحن متفائلون بأنها سوف تصل إلى المستفيدين المستهدَفين. هذا جزءٌ من التزامنا بتقديم مساعدة سريعة وفعَّالة ومُوجَّهة استجابةً للزلزال المدمّر، وللوضع الإنساني الأوسع في سوريا.

لمزيد من المعلومات التفصيلية حول توزيع التعهدات من فريق أوروبا والدول الثالثة والمنظمات الدولية، نرجو من جميع المهتمّين والمهتمّات أن يزوروا الموقع الرسمي لمؤتمر المانحين.

ما زلنا ملتزمين برصد تنفيذ وتوزيع هذا الدعم عن كثب، لضمان فعاليته في تلبية احتياجات الشعب السوري خلال هذه الفترة العصيبة.

هل أحرزتُم أي تقدّم فيما يخص الأعضاء الأوروبيين من تنظيم داعش الذين ما يزالون في سجون قوات سوريا الديمقراطية؟ هل ستتم إعادتهم إلى أوطانهم في أي وقت قريب؟

تبقى قضيةُ المعتقلين من تنظيم داعش مسألة شائكة. في الحسكة، يوجد قرابة 4000 فرد يُشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش، ونحو 700 قاصر رهن الاحتجاز في الوقت الحالي. شاغلُ الاتحاد الأوروبي بخصوص هؤلاء المعتقلين المزعومين ذو طبيعة إنسانية، والتحدّيات التي يواجهها شركاؤنا على الأرض تثير قلقنا، فهي تعيق تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية، لا سيما للسجناء الشباب والمرضى أو المصابين.

أما فيما يخص جهود المُساءلة، فقد صنّفَ الاتحاد الأوروبي داعش على أنها منظمة إرهابية، واعتمدَ التوجيهَ الخاص بمكافحة الإرهاب المتعلق بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب. صُمِّمَ هذا التوجيه من أجل تسهيل التعاون عبر الحدود، وتحسين عمليات جمع الأدلة واعتمادها. في تموز الماضي، تولّى إيلكا سالمي منصب منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، ووصَف الوضع في شمال شرق سوريا بأنه قضية ملحّة.

عادة ما تُوجَّهُ تهمة المشاركة في نشاطات جماعة إرهابية أو تقديم الدعم لها إلى المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وتقعُ مسؤولية إعادتهم إلى أوطانهم ضمن اختصاص فرادى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. في العام الماضي، مثلاً، قامت الحكومة الهولندية بإعادة خمس نساء يُزعم انتماؤهن لعائلة من تنظيم داعش، و11 طفلاً من مخيم الروج للاجئين في شمال شرق سوريا. كما أدانَت السلطات الألمانية، تطبيقاً لمبدأ الولاية القضائية الدولية، مواطناً عراقياً وعضواً في تنظيم داعش، لارتكابه جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب أسفرَت عن مقتل فتاة إيزيدية عمرها 5 سنوات، كان قد اشتراها كعَبدةٍ في سوريا. المزيد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يحذون حذوهم.

كيف يتعامل الاتحاد الأوروبي مع المعارضة السورية في الوقت الحالي، هل هناك أي شكل من أشكال التنسيق؟ هل تستمرون في اعتبار الائتلاف الوطني ممثلاً شرعياً للشعب السوري؟

يُحافظ الاتحاد الأوروبي على تواصل نشط مع المعارضة السورية، من خلال اجتماعات منتظمة يعقدُها في اسطنبول وجنيف وبروكسل. تسمح هذه الاجتماعات بتبادل الأفكار، ومناقشة آخر المستجدات، وضمان الحوار المستمر حول الوضع في سوريا.

علاوة على ذلك، يواصل الاتحاد الأوروبي الاعتراف بالائتلاف الوطني كممثل شرعي للشعب السوري. ما نزال ملتزمين بدعم سعي الائتلاف نحو سوريا يعمّها السلام والاستقرار، وما نزال نؤمن بأهمية الحكم التمثيلي والشامل.

لا حلّ مستدام للأزمة السورية دون إشراك جميع عناصر المجتمع السوري داخل وخارج البلاد، الممثلين الشرعيين للشعب السوري، بمن فيهم المعارضة.

أخيراً، أنت مواطن روماني عايشتَ التحول الديمقراطي في بلدك. هل هناك ما تودُّ أن تشاركه مع الديمقراطيين السوريين، وكل السوريين والسوريات الذين يتطلعون إلى سوريا جديدة، سلمية ومزدهرة وحرة؟

كمواطن روماني عايشتُ تحوّل بلدي نحو الديمقراطية، يمكنني أن أخبركم أن الرحلة نحو الديمقراطية قد تكون صعبة وطويلة، وقد تبدو في كثير من الأحيان ساحقة. مع ذلك أؤكد لكم أنها مسعىً يستحق العناء. إن إحدى أهمّ الدروس المستفادة من تاريخ رومانيا الحديث هي أنّ التغيير ممكن بالفعل، حتى في أصعب الظروف.

أحثُّ جميع السوريين والسوريات الذين يتطلّعون إلى سوريا جديدة، سلمية ومزدهرة وحرة، ألّا يفقدوا الأمل أبداً. حافظوا على تفاعلكم ونشاطكم، واستمروا في السعي لبلدكم الذي تريدون. الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانب الشعب السوري في هذه الرحلة، وسيواصل دعم جهودكم لتحقيق السلام والمستقبل الأفضل.

المصدر: الجمهورية.نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى