لا تزال اللعبة الرئاسية في ملعب القوى المعارضة، ولا سيما القوى المسيحية، طالما أن حزب الله وحركة أمل وحلفاءهما يتمسكان بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. تتشعب الآفاق والاهتمامات لدى القوى المعارضة لانتخاب فرنجية. فعلى الرغم من المفاوضات المستمرة بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية، لم يتم الوصول إلى أي اتفاق حتى الآن، فيما يتم تسريب أجواء إيجابية من قبل المعنيين بالتواصل بينهما.
تأتي التسريبات بعد الالتباس الذي أحدثه موقف عضو تكتل لبنان القوي النائب آلان عون باقتراح ترشيح نائب من تكتله لرئاسة الجمهورية، ليكون هو مرشح المواجهة. هذا الموقف والذي طرحت حوله تساؤلات كثيرة، لا سيما عن أسبابه ودوافعه، وإذا كان منسقاً مع جهات أخرى، إلا أنه بلا شك أظهر توجهاً لدى عدد من نواب التكتل للضغط على رئيس التكتل جبران باسيل لتبني ترشيح أحد من كتلته.
أداء “التيار” و”القوات”
ما بعد هذا الموقف، أعيد تفعيل التواصل القواتي-الباسيلي، فيما جدد النائب غسان سكاف تحركاته، أملاً في الوصول إلى اتفاق بين قوى المعارضة. إلا أن الأداء الذي قدّمه التيار الوطني الحرّ والقوات والمتأثر جداً بعدم توفر عناصر الثقة بينهما، أسهم في إضعاف موقفيهما، وعمل على تأخير الوصول لأي اتفاق، ما ارتد سلباً على المرشح الذي يتباحثون في تبني ترشيحه. وهذا الأداء، يبقي سليمان فرنجية في المقدمة، ويدفع حزب الله والرئيس نبيه برّي إلى التمسك به أكثر، على قاعدة أن قوى المعارضة لن تكون قادرة على الاتفاق فيما بينها على مرشح، يتمكن من الحصول على عدد أصوات أكبر من سليمان فرنجية، ولا يمكن لهم توفير 65 صوتاً له. بناء على هذه القراءة، لا يزال برّي وحزب الله يعتبران أن فرنجية سيحرز المزيد من التقدم، وسط انتظارهما للمزيد من الإشارات الخارجية، حسب ما تقول مصادر قريبة منهما. وهو ما دفع بأمين عام الحزب السيد حسن نصرالله إلى الحديث عن التفاؤل، فيما رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ولدى سؤاله عن حظوظ وفرص سليمان فرنجية، يجيب: “لا داعي للتشاؤم”.
قائد الجيش وتعديل الدستور
لدى برّي الجو نفسه والقناعة أيضاً. وطالما أن الخلاف قائم ومستمر بين قوى المعارضة، فإن فرنجية يبقى مرشحاً أوحد وصاحب الحظ الأوفر، فيما المرشح الآخر الذي يتقدم مجدداً هو قائد الجيش جوزيف عون، نظراً للتباين في وجهات النظر والمقاربات بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ لتبني أي مرشح. لكن برّي يحاول استباق طرح ترشيح جوزيف عون كمرشح تسوية، بالقول إن مسألة تعديل الدستور تشكل العقبة الأساسية أمام هذا المسار، ولن يكون من السهل فتح باب الاجتهاد لتعديل الدستور أو لتكرار تجربة العام 2008 (مع قائد الجيش آنذاك ميشال سليمان)، لأن الظروف اختلفت، وأي افساح في المجال للدخول في سجالات حول تعديل الدستور سيفتح شهية الكثيرين على ما هو غير محسوب. وبالتالي، قد تدخل البلاد في دوامة لن يكون من السهل الخروج منها.
احتمالات باسيل
بالاستناد إلى كل هذه الوقائع، تبقى الكرة في ملعب المعارضة، وملعب القوى المسيحية، التي يمكن لأي اتفاق فيما بينها أن يؤدي إلى تغيير الموازين والذهاب باتجاهات جديدة، والفرض على الثنائي الشيعي تغيير مقاربته. أما دون ذلك، فيبقى فرنجية في الميدان، بانتظار أن تأتي الظروف أكلها، أو أن يستمر الوضع في هذه الحالة الشللية طويلاً للإنتقال إلى البحث عن تسوية لا حصان فيها سوى قائد الجيش. وهذا ما يعلمه رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل جيداً، ولذلك فهو يفتح الباب على احتمالات واسعة، أولها التقاط إشارة أمين عام حزب الله بأن لا قطيعة بين الحزب وأي طرف، وأن مجال الكلام والتفاوض مفتوح، والمقصود طبعاً باسيل ومعادلة التفاوض على فرنجية. ثانيها، تحقيق تقدم على صعيد التفاوض مع قوى المعارضة ولا سيما القوات والكتائب للاتفاق على مرشح. ثالثها، قدرة باسيل على البحث مع الاشتراكي وعدد من النواب المستقلين والتغييريين في اتفاق على مرشح وسطي، في محاولة لإقناع القوات والكتائب به، وكذلك مع حزب الله وحركة أمل. أما رابعها فهو أن يذهب باسيل إلى خيار قائد الجيش.
المصدر: المدن