بعد ساعات قليلة على انتهاء الاجتماع الخماسي لوزراء خارجية الأردن ومصر والسعودية والعراق وسوريا في العاصمة الأردنية عمّان أمس الاثنين لبحث مسار التطبيع وآلياته، وعشية زيارة مرتقبة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق، نفّذت الطائرات الإسرائيلية غارات جوية أسفرت عن خروج مطار حلب الدولي من الخدمة في رسالة مزدوجة موجهة لكل من الجانبين العربي والإيراني.
قرابة منتصف الليلة الماضية، نفذت إسرائيل عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ باتجاه جنوب شرقي حلب، مستهدفة مطار حلب الدولي وعدداً من النقاط في محيط المدينة ما تسبب أيضاً ببعض الخسائر المادية، وفق ما نقلت وكالة “سانا” عن مصدر عسكري سوري.
وفي وقت سابق، كانت وسائل إعلام سورية قد أعلنت أن الدفاعات الجوية للجيش السوري قد تصدت لـ”عدوان إسرائيلي” على محيط حلب وأنها أسقطت عدداً من الصواريخ.
من جانبها، اكتفت وسائل إعلام إسرائيلية، ومنها “تايمز أوف إسرائيل”، بنقل الخبر عن الإعلام السوري الرسمي، بينما قالت “القناة 12” الإسرائيلية، إن من بين الأهداف مستودعات ذخيرة للميليشيات الموالية لإيران.
“المرصد السوري لحقوق الإنسان”، قال إن انفجارات عدة دوت في منطقة مطاري حلب الدولي، والنيرب العسكري، نتيجة الاستهداف الإسرائيلي، ما أسفر عن اشتعال في مستودع ذخيرة، أدى لوقوع أضرار مادية كبيرة في المطارين، وخروج مطار حلب من الخدمة.
كما سقطت صواريخ في معامل الدفاع بمنطقة السفيرة، بريف حلب، إضافة إلى قصف بصواريخ عدة طاول منطقة مطار “النيرب” ومعامل الدفاع قرب السفيرة، وفق “المرصد”.
وأكدت مصادر عسكرية سورية أن العدوان الإسرائيلي “جرى عبر أجواء الأردن حيث اخترقت طائرات العدو الحربية أجواء سوريا من منطقة مثلث الحدود السورية – العراقية – الأردنية قرب التنف وتسللت عبر البادية السورية على مقربة من نهر الفرات، وأطلقت صواريخ العدوان من أجواء البادية”.
وأضافت المصادر وفق ما نقلت عنها قناة “سام سيريا” على “تلغرام” أن “السبب الأساسي لهذا المسار يعود إلى أن استهداف معامل الدفاع قرب السفيرة بريف حلب لا يمكن أن يتم من أجواء البحر المتوسط، كون طائرات العدو الإسرائيلي الحربية غير قادرة على إطلاق صواريخ من فوق البحر بمدى يصل إلى جنوب شرقي حلب، لكنها فقط قادرة على استهداف مطار حلب ومحيط المدينة من فوق البحر”.
الجديد في هذه الغارة ليس معاودتها استهداف مطار حلب الذي سبق له أن خرج من الخدمة أكثر من مرة جراء غارات إسرائيلية، بل كون الطائرات الإسرائيلية قد حرصت في طلعاتها على التحليق فوق الأجواء الأردنية التي كانت قبيل ساعات تستضيف اجتماعاً مهماً بين وزراء خارجية خمس دول عربية لبحث العلاقات السورية – العربية وكيفية إصلاحها بعد قطيعة دامت أكثر من عقد.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها الطائرات الإسرائيلية أجواء الأردن لاستهداف مدينة حلب ومطارها، ويبدو أن تل أبيب مهّدت لهذا الأمر من خلال قيامها في الأشهر الماضية باستهداف منظومات الإنذار المبكر والكشف في جنوب سوريا خصوصاً في محافظة السويداء.
ولا شك في أن تل أبيب من خلال هذا الاستهداف عبر أجواء الأردن بالذات وفي هذا التوقيت أرادت توجيه رسالة استياء من مجريات مسار التطبيع العربي مع سوريا لا سيما أن بعض المراقبين يرون أن مسار التطبيع بين سوريا والدول العربية قد يفضي في نهاية المطاف إلى نزع الذرائع التي تستند إليها السياسة الإسرائيلية ما سيدفع إلى إنهاء “المعركة بين الحروب” التي تقودها منذ عام 2013 ضد الأهداف الإيرانية في سوريا.
ويبدو أن زيارة الرئيس الإيراني دمشق المقررة يوم غد الأربعاء قد جعل التوقيت مناسباً لإسرائيل لجعل الرسالة مزدوجة وتصب في صندوق بريد إيران بالتزامن مع وصولها إلى صندوق بريد العواصم العربية المشاركة في مسار التطبيع مع سوريا.
ولعل تل أبيب أرادت من خلال قصف مطار حلب تدشين سلسلة غارات لاحقة تستهدف من خلالها زيارة إبراهيم رئيسي التي أرادت لها طهران أن تكون إعلامياً بمثابة احتفال بانتصار محور المقاومة، وأن تكون عملياً بمثابة مؤشر على نجاح طهران في ترسيخ نفوذها في سوريا برغم كل الغارات التي قامت بها إسرائيل في السنوات الماضية للتقليل من هذا النفوذ. وبالتالي أرادت إسرائيل من خلال غارات مطار حلب أن تجدد تهديدها بأن أي مسارات سياسية في المنطقة سواء الاتفاق السعودي – الإيراني أو التطبيع العربي مع سوريا لن يجعلها توقف معركتها في سوريا.
وفي هذا السياق، ذكرت قناة “سام سيريا” التي تقوم بمراقبة ومتابعة التحركات الإسرائيلية في الأجواء السورية، أنه “يُحتمل خلال الـ24 ساعة المقبلة أن نشهد عدواناً إسرائيلياً جديداً على سوريا. الساعات الماضية شهدت طلعات استطلاع لجنوب سوريا خصوصاً محيط دمشق وحتى حمص، ونشاطاً للطيران الحربي للعدو فوق لبنان والجليل، وقد نرى في هذا التوقيت اعتداءات استفزازية قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الإيراني إلى سوريا”.
المصدر: النهار