في بداية ديسمبر/كانون الأول 2022 وخلال أقل من 48 ساعة، أنقذت “هيومانيتي1”، وهي سفينة إنقاذ طولها 60 مترا تابعة للمنظمة غير الحكومية الألمانية SOS Humanity، 261 شخصا منكوبا في عرض البحر قبالة السواحل الليبية. يقدم أنطوان لو سكولان، وهو عضو في طاقم السفينة، عرضا عن عمليات الإنقاذ الثلاثة هذه.
ولدت المنظمة غير الحكومية SOS Humanity في بداية 2022 من انقسام SOS Méditerranée. فضل الفرع الألماني مغادرة سفينة Ocean Viking التابعة لـ SOS Méditerranée، وإعادة شراء سفينة استكشافية علمية قديمة – بفضل تبرعات المجتمع المدني – قصد مضاعفة عمليات الإنقاذ مع تبني خطاب سياسي مناصر أكثر حزماً. فضلا عن القبطان، يوجد على متن “هيومانيتي 1” 27 شخصاً من متطوعين وبحارة محترفين، وصحافية مستقلة. معظمهم يأتي من بلدان أوروبية (رومانيا، فرنسا، بلجيكا، ألمانيا، إيطاليا وإسبانيا)، والبعض من بلدان أبعد مثل المكسيك أو كندا. يربط مكتب المنظمة الموجود ببرلين بين البحر واليابسة.
أنا مكلّف بالترجمة الشفوية أثناء عمليات الإنقاذ، وبعد أن يتم إنقاذ الأشخاص المنكوبين، فأزودهم بمعلومات قانونية أو أقوم بترجمة الفحوصات مع الفريق الطبي. وقد كان لي الحظ كمنقذ بحري موسمي في الشركة الوطنية للإنقاذ البحري أن أتعلم اللغة العربية في الأردن ومصر خلال عدة سنوات. كما أنني حصلت للتو على شهادة للمحاماة. تسمح لي المشاركة في عمليات إنقاذ كهذه أن أفهم بطريقة أفضل مسارات الحياة المؤلمة لهؤلاء الأشخاص الذين يكافحون من أجل البقاء، ثم يكابدون مصاعب أخرى أمام الإدارات أو المحاكم الوطنية في الدول الأوروبية على أمل الحصول على أوراق الإقامة أو اللجوء.
يوم الأحد 4 ديسمبر/كانون الأول 2022، على الساعة الثانية والنصف، تلقت فرق “هيومانيتي 1” إنذاراً بخطر من سفينة إنسانية أخرى تُدعى “لويز ميشال”. كانت الأخيرة قد رصدت على بعد 60 كلم قبالة مدينة طرابلس 103 أشخاص على قارب مطاطي مترهل. وكان على سفينة “لويز ميشال” التي هي أصغر من أن تستوعب هؤلاء الأشخاص لفترة طويلة، أن تنتظر وصول سفينة “هيومانيتي 1” مع القيام بتوزيع سترات النجاة.
شجار في أعالي البحار مع ليبيين غريبي الأطوار
لسوء الحظ، غمرت المياه القارب تدريجيا ووصلت سفينة لما يسمى “خفر سواحل ليبيا” لعين المكان، مما عجل بالاستقبال الطارئ للمنكوبين على متن سفينة “لويز ميشال”. وصل القاربان شبه الصلبان السريعان التابعان لسفينة “هيومانيتي 1” إلى عين المكان بينما كان آخر المهاجرين يصعد على متن “لويز ميشال”. اقترب ثلاثة ليبيين – من بينهم رجل مقنّع يرتدي زيًّا عسكريا – من قاربنا شبه الصلب لمعرفة نوايانا، لكن لم تتم أية محادثة باستثناء إيماءات قصيرة باليد. كان مركبهم أصغر من قوارب النجاة السريعة التي يبيعها الإيطاليون والتي يستعملها في الغالب “خفر السواحل”. قد ينتمون إلى ميليشيا خاصة. مع ذلك يسمح محركاهم الكبيران الخارجيان بالتحرك بسرعة على الماء. هم هنا فقط للسطو على محرك القارب المطاطي. لكن حصل شجار عندما اقترب أحد القوارب الشبه الصلبة التابع لهيومانيتي 1 من القارب المطاطي، إذ أشهر آنذاك الليبيون أسلحة الكلاشينكوف وفق المصورة التي كانت موجودة على متن الباخرة، حتى يبقوا بمفردهم ويتمكنوا من أخذ المحرك بصفة متسترة، وهو ما قاموا به فعلا. سيتم بدون شك بيع المحرك إلى صيادين أو مهربين – وهو ليس قويًّا جدًّا ولكنه بحالة جيدة – مقابل بضعة آلاف يورو.
بين الانتظار والتعذيب في ليبيا
بعد ذلك مباشرة، بدأت عملية نقل المنكوبين من سفينة “لويز ميشال” إلى “هيومانيتي 1” بعد محاولات عديدة – وفاشلة – للاتصال بالسلطات البحرية المؤهلة. خلال الليل، وفي بحر مضطرب قليلا، تم نقل 103 شخصاً – منهم نساء حوامل وأطفال – نحو باخرة “هيومانيتي 1”. وقد زاد وجود سمكة قرش يفوق طولها المترين في التوتر السائد أصلاً، غير أن كل الناجين صعدوا على متن السفينة سالمين آمنين، وتم استقبالهم من طرف الفرق الطبية والإنسانية.
في اليوم الثاني، عند لقاء المنكوبين، تتدفق الأحاديث وتعود ذكريات الأمس من جديد. أسأل بعضهم إذا كانت تلك أول محاولة لهم لمغادرة ليبيا. كان جواب بعضهم بنعم. وكان آخرون في محاولتهم الخامسة. اندهشت لذلك. قال لي الشخص الذي حاول مرة واحدة فقط بأنه بقي ينتظر لعدة أشهر وأنه تعرض خلال ذلك إلى تعذيب طويل. ما يزال شابا، لم يبلغ الثلاثين بعد، يرتدي ملابس جديدة قدمتها له الفرق عند وصوله إلى السفينة. وجهه متعب، متأثر بحياة صعبة للغاية. صديقه الذي حاول خمس مرات يروي إحدى محاولاته التي انطلقت من تونس. بطريقة طبيعية وصوت ثابت، يسعى لإفهامي ما لا أستطيع فهمه ويبوح بما في نفسه. لقد رأى أصدقاءه يموتون حوله في السنة الماضية. غرَق قاربُه ووجد مائة راكب أنفسهم في الماء، فمات نصفهم غرقاً. كان هو وآخرون محظوظين، إذ بقوا على قيد الحياة حتى وصول صياد تونسي إلى مكانهم في عرض البحر.
في أمسية 5 ديسمبر/ كانون الأول، ودون أن يكون لهم وقت للراحة، كان على الفرق أن تتأهب للمغادرة. لقد رصدت سفينة “لويز ميشال” مرة أخرى قاربا في حالة خطر. تكنس الرياح البحر، والأمواج أعتى منها في الليلة السابقة، تشق القوارب شبه الصلبة طريقها في الظلام إلى المكان المحدد. خلال الدقائق العشر الطويلة التي استغرقتها الرحلة، كان لنا الوقت للأسف لتخيل الأسوأ والخوف من أن نكون مضطرين لجمع الجثث. عند وصولنا إلى عين المكان وجدنا قاربا خشبيا بطول بضعة أمتار يتراص عليه حوالي 50 شخصا. وكانت الأمواج تُطوح بالقارب بقوة.
“سأحاول صنع معجزات”
دراغوس روماني في الأربعين، منسق العملية على متن قاربنا شبه الصلب. هو على دراية تامة بالوضع بفضل تجربة اكتسبها من خلال عشرين عملية إنقاذ في البحر. يؤكد لنا أن القارب قد ينقلب في أية لحظة. وإن حدث ذلك، فمن المرجح أن يهلك البعض. يجب التحرك بسرعة وقد تكون أية حركة داخل القارب المنكوب قاضية. “سأحاول صنع معجزات”، هذا ما قاله في الراديو عندما طلب منا جوشوا، قبطان “هيومانيتي 1”، القيام بعملية الإنقاذ. كُلفت بأن أكون المحاور بين القارب شبه الصلب والمنكوبين، وعددهم 49، جميعهم ناطقون باللغة العربية. كان يجب قبل كل شيء قول جملة سريعة باللغة الانكليزية، لجعلهم يفهمون بأننا لسنا ليبيين، وإلا سينتابهم الذعر وينقلب القارب. ثم أشرح لهم باللغة العربية بأننا سننقلهم الواحد تلو الآخر من مؤخرة القارب. كان الضغط على الفرق كبيرا. خلال ساعتين تقريباً، في عز الليل ووسط الأمواج، نجح رجال إنقاذ “هيومانيتي 1” في انتشال 49 شخصاً الواحد تلو الآخر، دون فقد أحدهم. مرة أخرى كان هناك، قارب ليبي حاضر في عين المكان. سيحرقون القارب الخشبي في الليل بعد أن يستولوا على المحرك.
مصريون بأعداد متزايدة
بعد صعودهم على متن السفينة، يستعيد المنكوبون أنفاسهم ومعنوياتهم وينفجرون فرحا. أغلبهم من مصر، ولكن من بينهم أيضاً أشخاص من سوريا والسودان وتشاد. لا يوجد سوى عدد قليل من النساء – لكن صرن موجودات بشكل متزايد في صفوف اللاجئين الذين يحاولون العبور -، ومعظمهم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 30 عامًا. يُعد وجود المصريين إحدى سمات آخر التطورات المعاصرة في مجال الهجرة. يشرحون لي بأن عدداً متزايداً منهم يفرّ من الخدمة العسكرية الإجبارية أو الحياة الاقتصادية الخانقة. يعبرون الحدود سيراً على الأقدام في الصحراء، على بعد بضع كيلومترات من الساحل. وإذا تمكنوا من تجنب إطلاق النار من الجيش المصري أو اختطافهم من قبل الميليشيات الليبية، ينطلقون إمّا مباشرة من شرق ليبيا، في محيط طبرق، وإمّا يخاطرون بالسفر إلى محيط طرابلس. وقد دخل هؤلاء البحر انطلاقاً من غرب طرابلس.
حلم كرة قدم
بعيد ساعات قليلة من انتهاء عملية الإنقاذ المحفوفة بالمخاطر، ومع شروق الشمس، أُطلق إنذار جديد. تم رصد قارب مطاطي يتسع لـ103 أشخاص وكانت سفينة “لويز ميشال”، مرة أخرى، أسرع من “هيومانيتي 1”، حيث وصلت بسرعة إلى الموقع لتثبيت القارب وتوزيع سترات النجاة. ينتاب الركاب المنكوبين – وأغلبهم من الناطقين بالفرنسية من سنغاليين وإيفواريين على وجه الخصوص- ذعر شديد، وكان من الصعب تهدئتهم. كانت المياه قد تسربت إلى القارب وكان من الصعب تنظيم عملية الإنزال منه. على الرغم من احتياطاتنا، كان المنكوبون عندما نمسك بأياديهم يلقون بأنفسهم – بأتم معنى الكلمة – فوق أجسادنا ليحطوا عند أقدام روبن، الطيار الألماني. ونحن نقوم بالمناورة، رصدنا قاربًا آخر على بعد بضعة أميال بحرية في وضعية مماثلة. لسوء الحظ، شاهدنا الليبيين يصلون لوحدهم إلى عين المكان. كما كان الحال خلال عملية الإنقاذ الثانية، يتعلق الأمر بـسفينة “خفر السواحل” الليبي، بحجم سفينة لويز ميشال تقريبًا. علمنا بعد انتهاء عملية الإنقاذ أنهم أخذوا بالقوة جلّ المنكوبين، باستثناء ستة أشخاص فضّلوا الإلقاء بأنفسهم في الماء بدل العودة إلى ليبيا. قامت باخرة “لويز ميشال” بتأمين هؤلاء، حيث وُضعوا على طوق النجاة قبل أن تستعيدهم “هيومانيتي 1”. وقد عبّروا لنا عن سعادتهم لتمكّنهم من الالتحاق بنا، ولكن أيضا عن مدى رعبهم، كونهم يعرفون أن بعض أحبائهم قد عادوا إلى عالم من التعذيب والتعاسة.
في يوم الثلاثاء 6 ديسمبر/كانون الأول، عند نهاية الصبيحة، كان هناك 261 شخصا على متن سفينة “هيومانيتي 1”. وفي صباح اليوم الموالي، وبعد تقديم الإسعافات الأولية وتوزيع البطانيات تحسّبًا لبرد الليل أوضحت جوتا، منسقة الفريق الطبي والإنساني، للجميع بأنه قد يتعين علينا انتظار بضعة أيام أو حتى بضعة أسابيع على متن السفينة. أولا، لأنه قد تكون هناك عمليات إنقاذ أخرى يتوجب تنفيذها. ثانيا، لأن إيطاليا صارت ترفض أكثر فأكثر فتح حدودها. خاطبني نيجيري ضاحكاً بألاّ حرج في ذلك، وليس هناك مشكلة في البقاء على متن السفينة لمدة سنة إن لزم الحال، مادام لن يعود إلى ليبيا.
بعيدا عن هذا المشهد، على الجسر العلوي للسفينة، كانت هناك مجموعة من الناطقين بالفرنسية يتحدثون فيما بينهم وهم يحدّقون في مياه البحر. أشار إيفواري إلى قدميه قائلاً بأنه يرتاح بالنوم هكذا. “هكذا؟ ما معنى هكذا”. يشرح لي أنه خلع حذاءه وأنه كان من المستحيل بالنسبة إليه النوم بلا حذاء في ليبيا، لأن الحراس أو الجيران قد يأتون في أي لحظة لضربك أو سرقتك. لذا يتعين أن تكون جاهزا للهروب جريا في أي وقت. وعلى مستوى الجسر السفلي للسفينة، يبدو مراهق صغير وحيداً تماماً. إنه سنيغالي، يريد أن يصبح لاعب كرة قدم في مرسيليا. هو هنا مع شقيقته الصغرى. لقد رآها في الصباح، ولكن لا يمكن رؤيتها عندما تدخل غرفتها. بالفعل، فإن غرفة النساء والأطفال الصغار ممنوعة منعاً باتًّا عن الرجال والمراهقين. لا أجرؤ على سؤاله كيف وصل إلى هنا وحده مع شقيقته. لي أن أتخيل. هناك أيضا رفيق له مصري، وهو شاب مراهق مثله، ترك مصر لوحده ويريد – هو أيضا – أن يصبح لاعب كرة قدم، ولكن في ألمانيا. تحميه وتعتني به مجموعة من المصريين.
ليبيا، عالم آخر
في وقت لاحق، أخبرني مواطن غامبي فطن بأنه يحقّ للشرطة في أوروبا حبس الأشخاص، لكن يتطلب ذلك حكماً قضائيًّا، بينما في ليبيا يأخذونك مباشرة من البحر إلى السجن. ثم وصف لي سجن ورشفانة، حيث يقبع آلاف الأشخاص ويموت الناس كل يوم. أستفسر عن هذا السجن لدى مجموعة الناطقين بالفرنسية الذين التقيتهم سابقاً في الجسر العلوي. كلهم يعرفونه. شرح لي مواطن سنيغالي أن هذا الجحيم كان في السابق مستودعا للحيوانات. وأن الناس مكدّسون في القبو. كان يرى الليبيين ينقلون كل يوم بين خمسة إلى ستة جثث. وقال لي مواطن غيني شاب بأن شقيقه الأصغر مازال هناك. بعد حديث مطوّل حول التعذيب وظروف العيش في ليبيا، أفهمني شاب إيفواري أخيراً، وبكلمات بسيطة، ما تمثّله الضفة الأخرى من المتوسط: فهو لا يرى في ليبيا بلداً آخر، بل عالماً آخر.
يطلب منا أحيانا الفريق الطبي – المتكوّن من طبيب وممرضة وقابلة – أن نأتي للترجمة من الفرنسية أو العربية نحو الإنكليزية. فضلا عن العلامات الجسدية للتعذيب، لم يعد بإمكان المنكوبين الأكل أو النوم كما يجب. وعندما نسألهم منذ متى وهم على هذه الحال، يجيبوننا بعدّ الأشهر أو السنوات. وعندما نسألهم منذ متى وصلوا إلى ليبيا، ندرك أن الرقمين يتطابقان.
يقوم الطبيب دييغو بالفحوصات، ويكلّمني أحيانا فجأة بالإسبانية، والحال أنني لا أتقنها. ثم يستدرك ويواصل بالإنكليزية. على الرغم من مهنيّته، فإن نزرته التي تحيط بها علامات التعب وصوته يفضحان حالته. قال لي فيما بعد أن هناك فرقاً بين السماع عن هذه “القصص” في التلفزيون أو قراءتها في مقالات صحفية، وسماعها حية باستمرار طوال اليوم.
هبوط تحت حراسة مشددة في باري
فرق سفينة “هيومانيتي 1” منهكة، وهي تسترجع أنفاسها ببطء من المشاهد المروعة التي عاشتها. يشرح لي رونو، وهو من فريق الزورق شبه الصلب حيث كنت موجودا، أن انفعاله كان شديداً للغاية عندما شاهد ما بداخل القارب المطاطي، الذي تم “إنقاذه” من طرف الليبيين والذي لم يتمكن من الهروب منه سوى ستة أشخاص. بالفعل، كانت هناك ملابس أطفال متناثرة على الأرضية، أي بعبارة أخرى، عاد أطفال إلى الجحيم الليبي بينما كان آخرون أكثر حظاًّ.
أرسل قبطان “هيومانيتي 1”، المرفوق بضباطه وبمراقبة إنسانية، عدة طلبات بـ“ملاذ آمن” من أجل النزول في أوروبا. وبعد خمسة أيام طويلة من عملية الإنقاذ الأولى، استجابت السلطات الإيطالية في الأخير بشكل إيجابي، وحدّدت ميناء باري كموقع للنزول. على الرغم من أن جهة باري لم تكن محبّذة نظراً للمسافة التي يجب قطعها في البحر الأدرياتيكي والعاصفة التي يجب مواجهتها، إلا أن سلوك السلطات الإيطالية فاجأ القبطان الذي كان يتوقع الانتظار لمدة أطول. بالفعل، في الشهر السابق، اضطرت العديد من السفن الإنسانية مثل “هيومانيتي 1” و“أوشيان فايكينغ” أو “جيو بارانتس” إلى الانتظار لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع.
تعرض كل الناجين الذين أنقذتهم سفينة “هيومانيتي 1” دون استثناء – وعددهم 261 – إلى معاملات لا إنسانية أو مهينة في ليبيا، وهم في حالة وهن شديد. قد يميل الاعتقاد أن هذه الحالة من الحسرة لا يمكن أن تكون سياسية، بل هي إنسانية فقط. كان لهؤلاء الأشخاص الحظ في النزول بسرعة تقريباً في أوروبا. وكانت هناك جمعيات وشرطة بأعداد كبيرة في استقبالهم. غير أن كل أفراد الطاقم يدركون أن المهمات القادمة قد تعاني، مرة أخرى، من اللعبة الدبلوماسية الرهيبة التي تقوم بها الحكومات الأوروبية. فقد فضلت الحكومة الإيطالية الجديدة، بعد أن تباهت بإغلاق أبوابها أمام سفينة “أوشيان فايكينغ” في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أن تقلل من حماسها المعادي للأجانب، ولعب لعبة المؤسسات الأوروبية لكسب مصداقية، والاستمرار في الاستفادة من اتفاقيات تحويل طالبي اللجوء داخل أوروبا. لكن هل ستُغلَق أبواب أوروبا مرة أخرى؟ تعرف المنظمة غير الحكومية SOS Humanity أنه سيتعين عليها مواصلة النضال للدفاع عن الحق والواجب في إنقاذ منكوبي البحر ونقلهم إلى بر الأمان.
أنطوان لو سكولان محامٍ.
المصدر: موقع أوريان21