«حكومتنا عاجزة، حتى عن ضبط الساعة»… الجملة الأكثر تردداً في سوريا، منذ مساء الخميس وحتى صباح الجمعة، مع سؤال «كم الساعة عندك»، وسط حالة من الارتباك تسبَّب بها التعديل التلقائي للتوقيت من الصيفي إلى الشتوي في الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، وذلك بعد أقل من شهر على إعلان الحكومة بدمشق قرارها إلغاء التوقيت الشتوي، وتثبيت العمل بالتوقيت الصيفي على مدار العام.
وبينما سارعت صحيفة «الوطن» المحلية، المقرَّبة من النظام، إلى التوضيح، ليل الخميس، بأن «خطأ فنياً عند مشغّلي الخلوي يعيد عقارب الساعة 60 دقيقة على بعض أجهزة الخلوي»، لم يصدر أي توضيح رسمي في هذا الشأن. فيما أبلغت شركات الخلوي، صباح أمس الجمعة، المشتركين بأن تعديل التوقيت جرى في بعض الأجهزة الخلوية لسبب «يتعلق بنوع الجهاز»، وطلبت منهم تعديل التوقيت يدوياً، دون أية إشارة إلى حصول خطأ تقني.
وأثار قرار الحكومة، في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، تثبيت العمل بالتوقيت الصيفي على مدار العام، الاستياءَ، ولا سيما لدى العائلات التي لديها أطفال تلاميذ.
واعتبرت مصادر أهلية في دمشق أن قرار الحكومة كان «اعتباطياً وغير مدروس»؛ لأن التوقيت الشتوي هو توقيت سوريا، حسب موقع العاصمة دمشق على خط الطول 36، وتغييره إلى التوقيت الصيفي طوال العام سيتسبب بمشكلات كثيرة؛ أبرزها دوام المدارس خلال فصل الشتاء. وبحسب التوقيت الصيفي، ستشرق الشمس، خلال فصل الشتاء، في «الساعة الثامنة إلا ربع» أي قبل بدء الدوام بربع ساعة. ومع انعدام وسائل التدفئة في المدارس بسبب أزمة المازوت، سيتعرض التلاميذ والكادر التدريسي لبرد قارس سينعكس سلباً على العملية التعليمية.
كما أحدث تبديل التوقيت في الأجهزة الإلكترونية ارتباكاً من جهة مواعيد السفر والطيران والصلاة، وسرعان ما انقلبت الاستفسارات حول ما جرى و«كم الساعة الآن؟» إلى عاصفة سُخرية. فهناك من اعتبر أن قرار الحكومة اتخذ دون إعلام وزارة الاتصالات بهدف التذكير بخدمة الساعة الناطقة في الهواتف الأرضية المنسية. كما تداول السوريون، عبر صفحات التواصل الاجتماعي، رقم الساعة الناطقة مع نصيحة أنه «قبل تحديد أي موعد اطلب الساعة الناطقة لتعرف التوقيت».
آخرون حذّروا من أن يكون ذلك مقدمة لفرض ضرائب جديدة تحت مسمى «رسم إعادة ضبط توقيت الجهاز تحت طائلة إيقاف تفعيل الشريحة». وهناك من رأى أنه «حسب حكومتنا، حتى الموبايلات الذكية بلهاء»، ناهيك عن مطالبات للحكومة بالكف عن «مزاحها الثقيل». وثمة من قلّل من تأثير ارتباك التوقيت باعتبار «أن الحرب أعادت سوريا مائتي عام إلى الوراء، وفارق ساعة إضافية لن يشعر به أحد».
عالمياً، تتطلب قرارات تحديد التوقيت تنسيقاً بين الدول لمنع حدوث فوضى في مواعيد حركة المرور الدولية، خصوصاً في النقل الجوي. ومع كل موسم يثار نقاش تعديل التوقيت، وما إذا كان من الأفضل إلغاء تعديل التوقيت. وهناك دول تفضِّل استخدام التوقيت الصيفي؛ لأسباب اقتصادية، مثل توفير الطاقة واستغلال ضوء النهار.
وهناك وجهة نظر تفيد بأن تكيف الجسم مع الوقت الجديد يستغرق عدة أيام في كل مرة، ويمكن أن يؤثر على التوازن الهرموني للإنسان والحيوان. لذلك هناك من يطالب بإلغاء التوقيت الصيفي. كما يركز أنصار التوقيت الشتوي على أن ساعات المساء تكون أطول، ومن ثم وقت الفراغ والراحة أفضل.
المصدر: الشرق الأوسط