عاد المجتمع الدولي للترحيب بالسعودية كعنصر فاعل، تاركاً خلفه الآثار التي تركها مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي في 2018، إذ أصبحت دول عديدة تسعى وراء الاستثمارات السعودية.
وخلال الأيام الماضية سجلت السعودية أسبوعاً حافلاً بالانتصارات والإنجازات، في مقدمتها التوسط في تبادل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا، وعقد قمة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإحياء اليوم الوطني السعودي، واستضافة المستشار الألماني، وبحث ملف إمدادات الطاقة مع كبار مسؤولي البيت الأبيض.
واستطاعت المملكة مرة أخرى أخذ مكانها ضمن مجموعة السبع، التي تمثل أكبر الاقتصادات، وعاد التركيز مرة أخرى على خطط ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لتعظيم صندوق الثروة السيادي السعودي.
وأشار تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس، السبت، إلى أن عودة السعودية للتفاعل مع المجتمع الدولي تحدث حتى مع بقاء إصلاحات حقوق الإنسان خارج جدول الأعمال.
وأوضح أنه بينما ينشط ولي العهد في إحداث إصلاحات اجتماعي واقتصادية، إلا أنه يشرف في الوقت ذاته على حملة واسعة النطاق ضد المعارضة، والتي يرى أنصاره أنها ضرورية لضمان الاستقرار خلال هذه الفترة.
وتحتجز السلطات السعودية نشطاء أو تمنعهم من السفر، أكان ذلك في مجال حقوق الإنسان أو المرأة، أو حتى لخبراء اقتصاديين، أو أمراء ورجال أعمال، قبض عليهم في حملة مزعومة لمكافحة الفساد جمعت أكثر من 100 مليار دولار.
وخلال الشهر الماضي، أصدرت أحكام بالسجن ضد امرأتين بسبب نشاطهما على تويتر وشبكات التواصل، إحداهما حكم عليها بالسجن 45 عاماً بتهمة الإضرار في البلاد، والأخرى حكم عليها بالسجن 34 عاماً.
وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فرحان بن فيصل لوكالة أسوشيتد برس خلال جلسة نقاشية في نادي ييل “إن هذه القضايا لا تزال قيد النظر” وهي في مرحلة الاستئناف.
وتلقى جهود ولي العهد شعبية في الداخل السعودية خاصة في ما يتعلق بالحد من السيطرة “الوهابية” في جميع جوانب الحياة، وتقليص دور هيئة الأمر بالمعروف، مع إعادة توجيه التركيز من البعد الديني إلى “الفخر الثقافي والوطني”.
وأكد التقرير أنه رغم التحول في نبرة الغرب في التعامل مع السعودية، لا يزال “شبح مقتل خاشقجي يلوح في الأفق”.
وبعد أن ساعد ولي العهد في التفاوض بشأن تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا في خطوة لاقت إشادة دولية، كتبت صحيفة “نيويورك بوست” في عنوان لها “البيت الأبيض يشكر ولي العهد القاتل”.
ويلعب الصندوق السيادي السعودي دوراً هاماً في علاقاتها، وهو يمتلك حصصاً في شركات كبرى مثل أوبر ولوسيد ومايكروسوفت ونينتدو، فيما تسعى المملكة لتنويع إيراداتها بالتوسع في الاستثمارات الصناعية والسياحية والترفيهية.
وتعتبر مدينة نيوم، إحدى أكبر مشاريع صندوق الاستثمارات السعودية، الذي يضم مدينة بطول 170 كلم خالية من انبعاثات الكربون ومدعومة بالذكاء الاصطناعي على البحر الأحمر.
وأوضح التحليل أن ولي العهد يشرف على صندوق الاستثمارات العامة، ولكن الرجل الذي يدير هذه الاستثمارات هو ياسر الرميان، الذي تحدث مؤخراً في ما أطلق عليه “قمة الأولويات” أمام نخبة من أصحاب الأموال، بما فيهم جاريد كوشنر، مستشار البيت الأبيض السابق صهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والذي حصل مؤخراً على استثمار بقيمة ملياري دولار من صندوق الاستثمارات العامة لبدء شركته الجديدة للأسهم الخاصة.
ويسعى الصندوق السيادي إلى توفير 1.8 مليون فرصة عمل للشباب السعودي، والتي أكد الرميان أن الهدف منها ليس توفير الوظائف فقط، بل أن تكون وظائف ذات جودة عالية.
وتأتي المساهمات في صندوق الاستثمارات السعودي من عائدات المملكة من الثروة النفطية، إذ حققت أرامكو رقماً قياسياً في الربع الثاني من هذا العام بأرباح تجاوزت 48 مليار دولار، وهو رقم يزيد عن أرباح آبل وغوغل وأمازون وميتا ومايكروسوفت مجتمعين.
المصدر: أسوشيتد برس/الحرة. نت