المعتقلون السوريون… الشهداء الأحياء

أحمد العربي

في ذكرى ثورتنا السورية الحادية عشرة، ثورة الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية، ثورة الحقوق والمطالب المشروعة، ثورة تحدي النظام الظالم الطاغي المجرم الوحشي، النظام المستبد الطائفي الذي اعتقد انه حول شعبنا الى عبيد، واذ بهم يتحولون وفي لحظة اشراق الى راية الحرية والضمير والانسانية، الى عنفوان المواجهة لا يبالون بظالم ولا يستسلمون الى خوف او جبن او يأس.

العالم كله يدرك الآن ماذا يعني أن يخرج الشعب السوري بثورته الرائعة، لقد سلّم الشعب قياده لمطالبه. واجه النظام المجرم الشعب بكل أساليب العنف من القصف والتدمير والقتل العشوائي والاعتقال والاحتجاز والخطف والسحل والتغييب القسري.

كان الثمن باهظا وصل الى ما يزيد عن مليون شهيد سوري، ومثلهم مصابين ومعاقين. ملايين كثيرة مشردة في الداخل السوري تعيش اسوأ حياة بكل المعايير، وملايين غادرت البلاد بعضهم استوطن البحر والبعض افترش الغربة يعاني من قسوة الغريب والحنين الى الوطن المسروق من شعبه.

المعتقلون الحاضرون دوما يحصيهم العالم بمئات الآلاف وهم زيادة على كل عد. هم ذواتنا التي ما انفصلت عنّا يوما فهم لكونهم أحياء فالروح الواحدة للشعب تحسّ بهم، جزء من لحم الشعب وروحه وضميره ووجعه المستمر.

مَن مِن السوريين لم يعش تجربة الاعتقال الشخصي او قريب او صديق او ابن بلدة وحي ؟!!. الكل يعلم ماذا يعني أن يكون ضحية مهدور الكرامة والانسانية، جسد مستباح وروح مأسورة وعذاب مستدام لا يطاق.

كان الاعتقال عند النظام المستبد المجرم قبل ثورتنا الحالية، يهدف الى استباحة الجسد للحصول على ما يريد من المعلومات، استباحة تهدر الجسد والروح ولا مشكلة إن مات المعتقل في طريق تحصيل المعلومة…

أما الاعتقال بعد ثورتنا عام ٢٠١١م فقد صار يهدف الى ابادة المعتقلين عبر الاحتجاز والتعذيب الجسدي والنفسي، ابادة روح الثورة والتمرد، رد النظام على روح الحرية المتوثبة، قتل الجيل كله إن أمكن، وتحويلهم لمجرد بقايا لحطام انساني لأجل العبرة والمثل.

في المعتقل تعيش الجوع والتعذيب والقهر والإذلال وتُقتل عبر كل ثانية، تُزرع في عقلك وروحك كل الوقائع والحكايات عن نظام وحشي استأسد على الشعب ونكل به، امام اعين العالم وصمته…

هل نستطيع أن نعبر عن مشاعر المعتقل بالكلمات مهما عبّرت وتوسعت وأفاضت؟!!.. ماذا يعني أن تكون مرعوبا كل الوقت من تعذيب محتمل وسابق ؟!!. أو ان يبتر عضو لك عندما يلهو المجرم معك؟!!، أو يقتلك في لعبة موت لحظي؟!!، او تموت الف مرة عندما تعايش الميتين قتلا وجوعا ومرضا وتعذيبا بجوارك؟!!. ماذا يعني أن تتذكر ماضيك وكأنه بعيد سنين ضوئية عنك؟!!. وان تنتظر لحظة خلاصك بالموت السريع لتتخلص من عذاب لا يُطاق أو يُحتمل؟!!.

ما أسوأ أن تتمنى الموت لتنتهي من عذاب وخوف ورعب مستديم يحيط بك…

هو هكذا حال المعتقل والاعتقال في بلادنا السليبة المستعمرة من الطغمة الحاكمة ورعاتها الإرهابيين الدوليين روسيا وإيران و المرتزقة الطائفيين…

الأسوأ والمؤلم أن العالم كله شاهد ويُشاهد واقع المأساة السورية والمظالم التي لا حد لها والمستمرة إلى الآن. وهم بين متفرج صامت أو او مستنكر او يُدين ؟!!…

الحساب الختامي للموقف الدولي لا شيء يحسب للشعب السوري الموزع بين شهيد ومصاب ومعاق ومشرد ومذلول ومعتقل داخل البلاد أو خارجها…

للمعتقلين اهلنا واخوتنا واخواتنا في معتقلات النظام، اعذرونا انّا عاجزون عن أن نفديكم بأرواحنا، أو أن نقاسي بعض اوجاعكم ومصابكم، أو أن نكون لوقت قصير في معتقلاتكم نعيش آلامكم، او ان نموت بدلا عنكم…

لكننا عاجزون عن ذلك…

ليس لنا إلا صوتنا نرفعه عاليا…

لكم ولنا الله العادل المنتقم من كل الظالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى