هذا تدقيق صحيفة النهار للفيديو الخاص بالتبول على افريقي، وهو يؤكد عدك صحة تفسير المشاهد، والتي هي مركبة، وتقول الصحيفة ان هذا الأمر لا علاقة له لا بفرنسا. ولا بمالي
********************
يتناقل مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي فيديو بمزاعم انه يظهر “فرنسيين يتبولون على مواطن #مالي، الامر الذي ادى الى طرد دولة مالي السفير الفرنسي من البلاد”. غير أنّ هذه المزاعم خاطئة. الفيديو يظهر، في الواقع، عملا فنيا للفنانة الغواتيمالية ريجينا خوسيه غاليندو #Regina José Galindo بعنوان “Piedra” (اي حجر)، حول “العنف ضدّ جسد المرأة”. وهو يعود الى عام 2013. وبالنسبة الى قرار مالي طرد السفير الفرنسي، فإن اسبابه سياسية. FactCheck#
الوقائع: المشاهد تكشف شخصا عاريا تقوقع على الأرض، بينما تعاقب شابان وفتاة على التبول عليه، على مرأى من اشخاص تجمعوا في المكان. مدة الفيديو 2,20 دقيقتان. وينتشر في صفحات وحسابات، في الفايسبوك وتويتر (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا…)، مرفقا بالمزاعم الآتية (من دون تدخل أو تصحيح): “دولة مالي قامت بطرد السفير الفرنسي/بعد ما قام بعض الفرنسيين باعتقال شخص مالي وضربة وخلع ملابسه والتبول علية رجال ونساء…”، وايضا “بعدما طردت مالي السفير الفرنسي، قبض فرنسيون على مالي في قرية فرنسية نائية وقاموا بالتبول عليه علنًا”.
التدقيق:
غير ان هذا الفيديو لا علاقة له بمالي او ب#فرنسا، ولا صحة إطلاقاً للمزاعم المرفقة به عن “تبويل فرنسييين على رجل مالي”، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقته.
فالبحث عن الفيديو، بتجزئته الى مشاهد ثابتة (Invid)، يقودنا الى الفيديو منشوراً في موقع Vimeo (هنا)، قبل 5 أعوام، بعنوان بالاسبانية: performance PIEDRA de REGINA JOSÉ GALINDO اي عرض بييدرا (اي حجر) لريجينا خوسيه غاليندو.
البحث باستخدام كلمات المفاتيح تلك يعطينا الجواب اليقين حول هذه المشاهد: Piedra (حجر) هو عمل فني للفنانة ريجينا خوسيه غاليندو Regina José Galindo، موضوعه “العنف اليومي اللاواعي ضد جسد المرأة” (هنا، هنا، هنا).
ومع ان الفيديو منشور في موقع Vimeo منذ 5 اعوام، الا ان مشاهده تعود في الواقع الى 17 كانون الثاني 2013، خلال تقديم عرض Piedra في جامعة ساو باولو في ساو باولو في البرازيل. وقد عثرنا على عدد من هذه المشاهد (هنا)، في موقع الارشيف الخاص بمعهد hemispheric institute. ويظهر فيها الاشخاص أنفسهم في الفيديو المتناقل.
وقد اجرينا لكم مقارنة بين لقطة شاشة من الفيديو (ادناه الى اليمين) وصورة من العرض يومذاك (الى اليسار)، واشرنا فيهما الى الاشخاص انفسهم فيهما.
ما موضوع “بييدرا”؟
جسد المرأة “الحجر”.
وجاء في شرح عنه ان “تاريخ البشرية بقي محفورًا في أجساد نساء أميركا اللاتينية. يمكن المرء أن يقرأ على أجسادهن، المُحتل والموسوم والمُستعبد والمُستَغَل والمُعذَّب- قصصا رهيبة للسلطة والصراع اللذين شكلا ماضينا. تكون الأجساد هشة فقط في مظهرها. الجسد الأنثوي هو الذي نجا من الغزو والرق. مثل الحجر، خزّن كراهية الذاكرة وحقدها من أجل تحويله طاقة وحياة”.
وشرحت الفنانة غاليندو عرضها “بييدرا”على طريقتها، بحيث كتبت (هنا): “حجر، انا حجر، لا اشعر بالضرب، بالذل… بالاجساد فوق جسدي، بالكراهية. انا حجر في داخلي تاريخ العالم. ويبقى جسدي جامدا، مغطى بالفحم، مثل حجر. ويتبوّل متطوعان وعدد من الجمهور على جسدي الحجر”.
في الحقيقة، الشخص الذي يظهر متقوقعا على الارض في الفيديو، مغطى بالفحم، ليس سوى الفنانة غاليندو، غارقة في تأدية دورها (هنا). “بييدرا يبرز جسد المرأة والحجر كأشياء مكيفة لتحمّل التشريعات العنيفة. السهولة التي يستطيع بها ممثل ذكر تلويث جسد الأنثى من خلال فعل روتيني عبر التبول يوازي العنف اللاواعي اليومي ضد جسد المرأة”، على ما كتبت ليليان منجشا من جامعة براون عن عرض غاليندو في “بييدرا”. “هذا العنف، الذي ينتشر خصوصا في غواتيمالا، موطن غاليندو، يؤكد كذلك الطبيعة القصيرة النظر للأعمال اليومية التي تدفع الى عنف هيكلي متكرر”.
غاليندو (مواليد 1974) “فنانة بصرية وشاعرة، تعيش وتعمل في غواتيمالا”، على ما تعرّف بنفسها. وتقول انها “تستخدم سياقا خاصا بها كنقطة انطلاق لاستكشاف واتهام التضمين الأخلاقي للعنف الاجتماعي للعنف الاجتماعي والظلم المرتبط بنوع الجنس والتمييز العنصري وكذلك انتهاكات حقوق الإنسان…”.
– ماذا عن طرد مالي للسفير الفرنسي؟
له حيثيات سياسية مختلفة.
الاثنين 31 كانون الثاني 2022، قرر المجلس العسكري في مالي طرد السفير الفرنسي، وفق ما أعلنه التلفزيون الرسمي في باماكو. وأمهله 72 ساعة لمغادرة البلاد، وسط تصاعد التوتر بين مالي وشركائها الدوليين بعدما لم يجر المجلس العسكري انتخابات في أعقاب انقلابين عسكريين (هنا، هنا).
وقد استدعت وزارة الخارجية في مالي رئيس البعثة الديبلوماسية الفرنسية في باماكو جويل ميير، و”أبلغته قرار حكومة جمهورية مالي بدعوته إلى مغادرة الأراضي الوطنية خلال 72 ساعة”، بحسب ما جاء في بيان تلاه التلفزيون الرسمي، وفقا لما اوردت وكالة فرانس برس.
وقد برّرت السلطات المالية، في بيان حكومي، هذا القرار بـ”تصريحات عدائية وغاضبة أدلى بها أخيراً وزير أوروبا والشؤون الخارجية، وتكرار مثل هذه التصريحات من السلطات الفرنسية تجاه مالي رغم الاحتجاجات المتكرّرة”، على ما أوردت وكالة فرانس برس في تقرير لها (هنا).
وقد جاء هذا القرار على خلفية تدهور متواصل للعلاقة بين فرنسا ومالي منذ تولى العسكريون السلطة في آب 2020. وتأزمت العلاقات بين البلدين أكثر في أيار 2021 إثر انقلاب ثان نفّذه الضباط أنفسهم لتعزيز قبضتهم على البلاد.
في تشرين الأول 2021، استدعت الخارجية المالية ميير احتجاجاً على تصريح للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ردّ فيه على تصريحات أدلى بها رئيس الحكومة المالية، ووصف فيها عزم باريس على خفض عديد قواتها في بلاده بـ”التخلي عن القيادة أثناء الرحلة”. ويومها قال ماكرون إنّ هذه التصريحات “عار” من جانب “ما ليس حتى حكومة”.
وتفاقم التوتر بشكل أكبر منذ أن تراجع المجلس العسكري بقيادة الكولونيا أسيمي غويتا عن التزامه الأولي بإجراء الانتخابات في 27 شباط، في خطوة ردّت عيها في 9 كانون الثاني منظمة دول غرب إفريقيا بفرض عقوبات ديبلوماسية واقتصادية صارمة على هذا البلد.
الأربعاء 26 كانون الثاني 2022، صعّد رئيس وزراء مالي الانتقالي تشوغويل كوكالا مايغا لهجته ضدّ فرنسا، متّهماً إياها بالسعي إلى تقسيم الشعب المالي و”استغلال” المنظمات الإقليمية الفرعية والحفاظ على “سلوكها الاستعماري”.
وقد زاد المجلس العسكري أخيرا التصريحات المطالبة بالسيادة من خلال مراجعة الاتفاقيات الدفاعية مع فرنسا أو من خلال دفع الدانمارك الى سحب كتيبة قوامها مئة رجل منتشرة في اطار القوات الخاصة الأوروبية تاكوبا بمبادرة فرنسية.
وأعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي في 25 كانون الثاني أنّ المجلس العسكري يضاعف “الاستفزازات”. ووصف وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان بعد يومين منذ ذلك المجلس العسكري بأنّه “غير شرعي” وقراراته “غير مسؤولة”، وذلك ردّاً على قرار الدانمارك سحب كتيبتها من القوات الخاصة من مالي بعد “إصرار” العسكر في الدولة الأفريقية على هذا المطلب.
اشارة الى ان زملاءنا في هيئة مكافحة الاشاعات نشروا بدورهم تدقيقا حول هذا الفيديو (هنا).
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الفيديو يظهر “فرنسيين يتبولون على مواطن مالي، الامر الذي ادى الى طرد دولة مالي السفير الفرنسي من البلاد”. في الواقع، الفيديو يصوّر عملا فنيا للفنانة الغواتيمالية ريجينا خوسيه غاليندو Regina José Galindo بعنوان “Piedra” وهو يعود الى عام 2013.
المصدر: النهار