طوى العراق صفحة الانتخابات التي مضى على إجرائها نحو 70 يوماً، وذلك بعد مصادقة أعلى سلطة قضائية على النتائج، ولم يتبقَ للمعترضين خصوصاً قوى “الإطار التنسيقي” غير ورقة التحالفات لحسم موضوع تشكيل الكتلة الأكبر وهي تعد بحسب مراقبين عراقيين، مرحلة جديدة أكثر تعقيداً.
معضلة “الكتلة الأكبر”
بحسب المادة 76 من الدستور العراقي استخدم تفسير الكتلة الأكبر، الأكثر عدداً، حيث كان تشكيلها يتم من طريق الكتلة الفائزة في الانتخابات أو من خلال الكتلة التي تتشكل داخل قبة البرلمان أي بعد انتقال عدد من أعضاء المجلس إلى كتلة أخرى. إلا أن هذا الأمر انتهى، بسبب ما نص عليه قانون الانتخاب العراقي الجديد والذي منع انتقال الأعضاء بين الكتل، وهذا يعني أنه لو حضر 100 نائب أمام الكتلة الصدرية المكوّنة من 73 نائباً والتي تعتبر الأكثر عدداً وفقاً لنتائج الانتخابات، لن يتمكنوا من تأليف الكتلة الأكبر، لذلك تعتبر الكتلة الصدرية هي الأكبر بموجب القانون الجديد، وفقاً للخبير القانوني طارق حرب.
ويشير حرب في تعليق لـ”النهار العربي” الى وجود معضلة في التصويت على تسمية رئيس مجلس الوزراء، فوفقاً لمبدأ “النصف زائداً واحداً” لا يمنع وجود كتل متحالفة تحت قبة البرلمان، وهذا يدل على أننا بحاجة إلى 165 نائباً للتصويت لصالح رئيس الوزراء والحكومة، وإذا حصلت كتلة على هذا العدد كـ”الإطار التنسيقي” مثلاً يمكنها منع التصويت على اسم مرشح رئاسة الوزراء المقدم من الكتلة الصدرية، وهنا تكمن الصعوبة.
وبعد المصادقة على النتائج من قبل المحكمة الاتحادية وهي الخطوة المقبلة، سيقوم رئيس الجمهورية بإصدار مرسوم يحدد فيه موعد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس مجلس النواب.
مصادقة رغم الاعتراض
على وقع التصعيد من مناصري الأحزاب المعترضة ضد نتائج الانتخابات، صادقت المحكمة الاتحادية العليا العراقية على النتائج، وجاء ذلك بعدما رُفضت في وقت سابق الطعون التي قدمتها قوى خسرت في الانتخابات.
وردت المحكمة الاتحادية العراقية دعوى الطعن بنتائج الانتخابات النيابية، خلال جلستها التي عقدت أمس الاثنين للبتّ بالطعون.
وكانت هذه الجلسة الرابعة للمحكمة الاتحادية للنظر في الشكاوى المقدمة بشأن نتائج الانتخابات التشريعية من قبل رئيس تحالف الفتح هادي العامري وعدد من النواب الخاسرين.
الصدر مجدداً: لحكومة أغلبية وطنية
وجدّد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دعوته إلى “الإسراع بتشكيل حكومة أغلبية وطنية”، وذلك عقب تصديق المحكمة العليا العراقية على نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهو الخيار الذي يلوّح به مراراً وتكراراً، الا أن ثمة صعوبات تواجه ما يريد تحقيقه الصدر، بحسب المحلل السياسي العراقي أثير الشرع الذي يرى في حديث الى “النهار العربي” أن “البلاد دخلت في أزمة جديدة وعسيرة وهي موضوع حسم تأليف الكتلة الأكبر خصوصاً بعد المصادقة على نتائج الانتخابات”.
“الإطار التنسيقي”… أي مصير؟
وافق كل من القيادي في “الحشد الشعبي” زعيم تحالف “الفتح” هادي العامري، وزعيم ائتلاف “النصر” حيدر العبادي، وزعيم “تيار الحكمة” عمار الحكيم الذي أعلن معارضته للحكومة المقبلة، ورئيس “تجمع السند الوطي” أحمد الأسدي، وقيادات أخرى داخل “الإطار التنسيقي”، على قرار المحكمة الأخير بعدما كانوا معترضين على نتائج الانتخابات.
ويقول الخبير السياسي الدكتور عقيل عباس إن “الأدلة المقدمة ضد نتائج الانتخابات من قبل قيادات الإطار التنسيقي لم تكن منطقية وصحيحة لأنها غير رصينة ولم تستند الى إثباتات رسمية تؤكد وجود عمليات تزوير رافقت الانتخابات”.
ويضيف أنه “بعد المصادقة على نتائج الانتخابات سنشهد خلال الأيام المقبلة حالة تصدع وتفكك داخل قوى الإطار التنسيقي لكن في حال بقي هذا الإطار متماسكاً سوف ندخل في معركة وأزمة جديدة تخص موضوع تشكيل الكتلة الأكبر”.
وتابع أن “هناك خوفاً من استخدام الشارع العراقي في الصراع السياسي ما بعد مرحلة المصادقة على النتائج. الورقة الآن بيد التيار الصدري وفي اعتقادي سنشهد خلال الأيام المقبلة حراكاً صدرياً لإنهاء جدلية الكتلة الأكبر، فيما سيكون الحزب الديموقراطي الكردستاني وقوى سنّية أخرى أقرب الى التيار”.
الا ان القيادي في “الإطار التنسيقي” عبد الأمير التعيبان أوضح في رسالة الى “النهار العربي” أن “مطلب تشكيل حكومة أغلبية تقف خلفه مصالح حزبية وهذا لن يتحقق لأن لدينا أكثر من 80 نائباً يمكنهم تشكيل الحكومة”.
ماراثون المفاوضات
ويعقد مجلس النواب الجديد أولى جلساته في العاشر من كانون الثاني (يناير) المقبل، بعد مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج اقتراع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
ورأى الخبير فرهاد علاء الدين انه بعد رد الطعون بالنتائج، سينطلق ماراثون المفاوضات بشأن التحالفات السياسية. وقال في تغريدة على تويتر: “بعدما ردت الاتحادية دعاوى الطعون بنتائج الانتخابات، ورفض إصدار أمر ولائي بإيقاف إجراءات التصديق على النتائج، سيبدأ ماراثون المفاوضات السياسية لعقد التحالفات، وسيعلو صياح بورصة جذب النواب المستقلين، وسيستعر سباق الرئاسات، فمن هو الذي سيتوافق عليه المختلفون؟”.
المصدر: النهار العربي