قصف سوري روسي متجدد على إدلب وأسلحة متطورة تستهدف الأحياء السكنية

هبة محمد

عاد مشهد القصف في إدلب إلى واجهة الأحداث اليومية، نتيجة مواصلة استهداف قوات النظامين السوري والروسي للمناطق الخارجة عن سيطرتهما على طول الحدود مع تركيا شمال غربي سوريا، وسط نزوح آلاف المدنيين الذين يستقبلون الشتاء في مخيمات أُجبروا عليها بعد الفرار من العمليات العسكرية في شمال غرب البلاد.

وقال الدفاع المدني السوري إن الحلف السوري – الروسي واصل، الجمعة، قصف منازل المدنيين والحقول الزراعية في بلدة سرمين جنوبي إدلب بالقذائف المدفعية، وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية في أجواء المنطقة.

وقصفت قوات النظام بعد منتصف ليل الخميس-الجمعة أماكن في فليفل وبينين والفطيرة بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، في حين استهدفت بالرشاشات الثقيلة مناطق في قرية العمقية بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي.

ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عدد الغارات التي شنتها طائرات حربية روسية أمس على المناطق الحدودية شمالي إدلب، ارتفع إلى 7 غارات.

مسؤول المديرية الرابعة للدفاع المدني السوري مصطفى حاج يوسف تحدث في تصريح لـ «القدس العربي» عن القصف والاستهداف المكثف، الجوي والمدفعي، للحلف السوري – الروسي على قرى وبلدات شمال غربي سوريا، والذي ركز مؤخراً على الأحياء السكنية والمخيمات.

وقال حاج يوسف «الطائرات الحربية الروسية لم تغب عن مناطق شمال غربي سوريا، وباتت تنفذ غارات جوية على الحدود السورية التركية الشمالية، ومنذ بداية الحملة العسكرية الأخيرة في شهر حزيران 2021 استجابت فرق الدفاع المدني السوري لأكثر من 700 هجوم جوي ومدفعي من قبل قوات النظام وروسيا والميليشيات الأخرى، تم فيها انتشال جثامين أكثر من 155 شخصاً فقدوا حياتهم، من بينهم 55 طفلاً، و24 امرأة، فيما تم إنقاذ وإسعاف أكثر من 400 شخص أصيبوا نتيجة لتلك الهجمات».

والهجمات شبه اليومية وبأسلحة متطورة دقيقة الإصابة التي تستهدف منازل المدنيين وخيامهم والمرافق الحيوية والمنشآت الخدمية، في سياسة ممنهجة، «تأتي في إطار سياسة تهدف لمنع الاستقرار وفي وقت تروج فيه قوات النظام وحليفها الروسي لهجوم عسكري جديد على المنطقة، ما ينذر بكارثة إنسانية تزيد معاناة المدنيين في شمال غربي سوريا». وقال، «بشكل دائم لا يمكن إلا توقع الأسوأ من قوات النظام وروسيا، لأن هدفهم الأول القتل وتهجير السوريين».

وعاد آلاف المدنيين إلى قرى وبلدات جبل الزاوية رغم استمرار عمليات القصف والخرق الدائم لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في السادس من آذار عام 2020، وقال المسؤول لدى الدفاع المدني بأن هؤلاء «كابدوا الويلات من النزوح في المخيمات، وفي سعيهم لجني محاصيلهم الزراعية التي هي لقمة عيشهم بينما يحاول النظام وروسيا إلى حرمانهم منها عبر القصف والقتل والتهجير وهم مهددون الآن بالنزوح في أي لحظة، فيما يهدد استمرار التصعيد العسكري حياة 4 ملايين مدني في شمال غربي سوريا وسط صمت دولي وغياب لأي تحرك من الأمم المتحدة ومجلس الأمن لردع النظام وروسيا ووضع حد لهذه الهجمات القاتلة».

ما يعيشه السوريون اليوم ليس بجديد، وفق وصف مصطفى حاج يوسف «بل هو استمرار لسياسة ممنهجة من قبل النظام وحليفه الروسي منذ عشر سنوات تقوم على تدمير البنية التحتية وقتل المدنيين وتهجيرهم» جازما ان هذه المأساة لن تنتهي إلا بمحاسبة عادلة لمرتكبي الجرائم، والبدء بالحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254.

وقال «فريق استجابة سوريا» في بيان له الجمعة، إن آلاف الأسر السورية في إدلب ومحيطها تواجه بدايات فصل الشتاء وسط الفقر والعوز، وتوقعات بتدني درجات الحرارة بشكل كبير خلال الفترة القادمة، حيث تعيش الكثير من الأسر النازحة في الخيام والمباني غير المكتملة والمجهّزة، وهم عاجزون عن توفير أبسط سبل الدفء.

وتعاني المخيمات الحالية للنازحين داخليًا، من الاكتظاظ وفقًا للبيان الذي أضاف أيضاً «بات من المحدود إيجاد المأوى في المنازل القائمة، وحتى العثور على مكان في مبنى غير مكتمل بات من الأمور شبه المستحيلة، حيث ازدادت أعداد المخيمات في مناطق شمال غربي سوريا بشكل ملحوظ خلال الفترة السابقة لتصل أعداد المخيمات إلى 1,489 مخيماً يقطنها 1,512,764 نسمة من بينها 452 مخيماً عشوائياً يقطنها 233,671 نسمة».

وأضاف أن الغالبية العظمى من النازحين هم من النساء والأطفال الذين لا يزالون، إلى جانب غيرهم من النازحين داخلياً، في حاجة ماسة إلى المساعدة والحماية الأساسية. وتشمل الاحتياجات الرئيسية الغذاء والمأوى والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والحصول على التعليم، وتبرز الحاجة الماسة في الوقت الحالي إلى تحسين بنية المأوى، في وقت تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية بشكل مستمر وقد اضطر العديد من الأشخاص للفرار عدة مرات، تاركين وراءهم ممتلكاتهم في ظل محدودية الأماكن التي يمكنهم المكوث فيها.

وعن أحوال العملية التعليمية، ذكر البيان أن عدداً كبيراً من الأطفال النازحين لا يذهبون إلى المدرسة. فالمدارس إما أنها لا تملك القدرة على استضافة تلاميذ إضافيين أو يضطر الأطفال إلى العمل لتأمين موارد إضافية لعائلاتهم في المنطقة، وخاصةً مع وصول مستويات الفقر إلى مستويات قياسية تجاوزت 97% وارتفاع يومي في أسعار المواد الغذائية والتي تجاوزت 200% خلال الأشهر الأخيرة.

وناشد فريق «منسقو استجابة سوريا» جميع الفعاليات الاقليمية والدولية العمل على مساعدة السكان المدنيين في مناطق شمال غربي سوريا من خلال زيادة العمليات الإنسانية في المنطقة لمواجهة أزمة الشتاء المقبلة والعمل على تأمين احتياجات المدنيين بشكل عاجل.

المصدر: «القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى