هي شيخ جراح سورية، هي مهد الثورة الوطنية السورية، وعنوان انطلاقة ثورة الحرية والكرامة، بل لعلها الأمل الذي مابرح يعطينا جميعًا مزيدًا من التفاؤل بنصر لابد آت، وكنس للطغاة لاضير أنه قادم، عاجلاً أم آجلًا.
مايجري في حوران هذه الأيام وخاصة بعد تصعيد العدوان الذي بات مستمرًا على أهلنا في درعا البلد، وغيرها من أرياف درعا. يشير وبوضوح إلى أن كل الإتفاقات (التصالحية) أو مايسمى مناطق (خفض التصعيد) كمنتج بائس لمسار أستانا، كانت ومازالت لعبة سياسية سيئة تريد استثمار الوقت، وصولًا إلى الزمن الذي يُمكِّن قوى العدوان الأسدي من الإنقضاض على الناس المحاصرين، وإعادة السيطرة الأسدية الكلية على مجمل الأرض والبشر، بالتساوق الأكيد مع صمت مطبق ومريب من الإدارة الأميركية كأحد الضامنين لاتفاق الجنوب. وكذلك صمت الإتحاد الأوروبي، حيث لا ضرر لديه من تهجير قد يؤدي إلى مزيد من تدفق اللاجئين السوريين إلى القارة القديمة، أي اسمرار وصول اللاجئين المتدفقين إلى ديار أوربا. علاوة على التواطؤ الفاقع من قبل الإتحاد الروسي، وهي الدولة (أي روسيا البوتينيىة) كدولة إحتلالية كولونيالية منحازة إلى جانب الطاغية بشار الأسد، لأن مصلحتها اليوم تقتضي ذلك، مهما حاولت الترويج إلى تصريحات وأحاديث خارج هذا السياق، عبر كتابات المدعو رامي الشاعر الناطق غير الرسمي باسم الكرملين.
الاتحاد الروسي يمارس سياسته العدوانية ضد شعبنا في حوران من خلال تواطئه وعدم الجدية بتطبيق الإتفاقات السابقة واللاحقة. وهو بذلك يتكيء إلى صمت الأميركان غير المفهوم، عما يجري من إهراق متواصل للدماء السورية، سواء في أرض حوران، أو قبل ذلك وبعده في محافظة إدلب وكذلك ريف حلب، وريف اللاذقية وريف حماة أيضًا.
مايلفت النظر هذه الأيام في المشهد التصعيدي في درعا، وما يحدث في درعا البلد،وكل حوران، هو هذا التصميم الرائع والتكاتف بين الناس، والكلمة الواحدة الموحدة، التي تتصدى للعدوان بلا خوف، وبصدور شبه عارية، إلا من سلاح فردي خفيف، لا ينفع كثيرًا في مواجهة أحدث الأسلحة الروسية، من دبابات وصواريخ فيل وسواها.
في مواجهة العدو الرئيسي للشعب السوري المتحالف مع نظام الإجرام الأسدي وهم حثالة الميليشيات الطائفية التابعة لما يسمى (الحرس الثوري الايراني) كحزب الله، وباقي الميليشيات الطائفية العراقية والباكستانية والأفغانية، التي استجلبها نظام الفاشيست الأسدي استمرارًا في المقتلة ضد السوريين في كامل الجغرافيا السورية، وخاصة في درعا اليوم . حيث تحاول هذه الميليشيات اقتحام أسوار درعا دون مقدرتها على ذلك، بعد أن استنفر كل أحرار حوران نصرة للأهل المحاصرين في درعا البلد. ويبدو أن مهد الثورة أعادت إحياء مسار ومسيرة الثورة التي ظن البعض واهمين أنها انتهت إلى غير رجعة. بينما تَمكَّن ثوار درعا من صد العدوان ثم تلقين الميليشيات والفرقة الرابعة ومن يدعمها الدروس تلو الدروس.
وينظر الكثير من المتابعين والمهتمين إلى أن مايجري في حوران هذه الأيام لا ينفصل أبدًا عن ما يجري في الأحواز العربية المحتلة. فالشعب الثائر هنا وهناك واحد والقاتل أيضًا. ولعل الصدى الذي يتلمسه شعب الأحواز هو نفسه الذي يراه ويتمسك به شعب سورية، وخاصة في درعا. إذ يلتقي الكل في هدف واحد وفي مواجهة عدو واحد، هو العدو الفارسي الإيراني وحكومة الملالي الحاقدة، حيث حاول ويحاول الايراني إعاد قيامة نظام الأسد المنهار أصلاً منذ عام 2013 وبالطبع بالتعاون مع الحليف الإحتلالي الروسي المجرم. وهي ثورة واحدة بالأهداف والمآلات، نحو إنجاز التحرر والحرية والكرامة في سورية والأحواز واليمن ولبنان والعراق. وإن كل انتصار هنا أو هناك هو كسر للأطماع الإمبراطورية الفارسية في بلادنا، وهو بالضرورة تقدم موضوعي أكيد نحو انهيار كامل لبنية النظام السوري الأمنية والطائفية، ومانشهده منذ عشرين يومًا في الأحواز العربية، وزلزلة أركان الكيان الإحتلالي الغاصب، والقدرة على الإستمرار والمتابعة، إنما يعبر عن فكرة مفادها يقول: إن للشعوب الثائرة إرادتها التي إذا ما استخدمتها، بل وعرفت كيف تتحكم وبها وتحركها، فإن كل أدوات الطغيان القمعية ستكون عاجزة عن مواجهة هذه الشعوب المنتفضة والثائرة، ولسوف تنهار قوى البغي والتسلط والإحتلال ، وليس ذلك ببعيد.
إن نصر أهلنا في درعا كما نصر شعبنا الأحوازي، سيكون بعثرة ميدانية لمصير الاحتلال والأطماع الفارسية في المنطقة برمتها، بدلالة الإرتباك الكبير الذي لاحظناه في تصريحات إيرانية أخيرة، التي وجدت أن كل أفعال إجرامها، وكل إمكانياتها القاهرة للشعوب، لم تستطع منع ثورة الأحوازيين أوالسوريين من التجدد والانتفاض مرة أخرى وبشكل أكثر تصميمًا على النصر ودحر المعتدين.
المصدر: موقع (الحرية أولًا)