مساران متلازمان يسيران مجدداً، متوازيين ومتقاربين في لبنان الأزمة الحكومية: تجديد مبادرة تشكيل حكومة بالحدّ الأدنى، والذهاب بها إلى قصر بعبدا. وتجديد البحث في ملف مفاوضات ترسيم الحدود.
عون بين برّي وأميركا
يستمهل رئيس الجمهورية ميشال عون إقدامه على أي خطوة في شأن الحكومة، أو في إطار الردّ على جلسة مجلس النواب ونتائجها وتداعياتها، لأنه يعطي فرصة لمبادرة الرئيس نبيه برّي.
ويتقدم عون على خطّ ترسيم الحدود، الذي يعاد البحث فيه. وهو التقى يوم الثلاثاء الفائت أعضاء الوفد المفاوض لترسيم الحدود البحرية. والتقى يوم الأربعاء بالسفيرة الأميركية دورثي شيا، وبحث معها في هذا الملف، والتقت السفيرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
وتشير المعلومات إلى أن الشروط الأميركية لا تزال على حالها في شأن مفاوضات الترسيم: لا عودة إلى المفاوضات قبل الوصول إلى نقاط توافق مشتركة حول آلية التفاوض. ويتمسك الأميركيون بالتفاوض على أساس مبادرة السفير فريدريك هوف، أي التفاوض بين الخطين 1 الإسرائيلي و23 اللبناني. بينما يتمسك الوفد اللبناني بالتفاوض بين الخطين 23 و29.
أميركياً، البحث والتفاوض على المساحة التي يمنحها الخطّ 29 أمر مرفوض، ولا تعترض عليه إسرائيل فقط، بل الأميركيون أيضاً، بعدما اعتبروا أنهم عادوا إلى المفاوضات الأخيرة بناء على ما تمكّن وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل من تحصيله من رئيس الجمهورية: عدم توقيعه تعديل المرسوم، وعدم المطالبة بالتفاوض على أساس الخطّ 29.
ولكن عون كان قد توافق مع أعضاء الوفد المفاوض على الذهاب إلى المفاوضات من دون شروط مسبقة. فيما اشترط الأميركيون التفاوض ضمن مساحة 860 كلم مربع. ولا يزال موقف الوفد اللبناني المفاوض على حاله. وهذا يعني أن الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، وما يقرره والتوجيهات التي يعطيها للوفد في حال تقرر استئناف المفاوضات.
السنيورة في عين التينة
ويهتم عون في هذا الملف، منتظراً ما سيحصل على جبهة تشكيل الحكومة: عودة الحريري، الذي يتواصل معه عدد من الشخصيات للتنسيق، في سبيل إعداد تشكيلة حكومية وتسليمها لرئيس الجمهورية. على أن تكون التشكيلة مؤلفة من 24 وزيراً بلا ثلث معطل، مع صيغة ملائمة للطرفين في اختيار الوزيرين المسيحيين ووزارتي الداخلية والعدل.
والفكرة التي يطرحها نبيه برّي تنطلق من ضرورة التوافق بين الرئيسين، وتبادل أسماء يختاران من بينها. وفي هذا الصدد ينسق برّي مع البطريرك بشارة الراعي، ومع الرئيس فؤاد السنيورة، الذي تكشف معلومات أنه التقى برّي في عين التينة يوم الثلاثاء، بعيداً من الإعلام. وجرى البحث في تنسيق الخطوات، مع تأكيد فكرة أساسية: عودة الحريري وتوجهه إلى بعبدا لتسليم عون التشكيلة الحكومية. ورمي الكرة في ملعبه. وفي حال رفضها يكون هو من يضع الشروط والعراقيل.
عون يختبر حزب الله
يضاف إلى هذا موقف أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله: تمسكه بالرئيسين، عون والحريري، ودعمه رئيس الجمهورية، ومفوضاً برّي إيجاد المخرج الحكومي الملائم.
وهذا موقف لافت من حزب الله. لا بد لبرّي والحريري من الاستفادة منه واستثماره، لتحقيق النتائج التي يرغبانها. وموقف نصر الله ليس الأول من نوعه. فسابقاً أعلن تأييده مبادرة وليد جنبلاط، لكنها لم تصل إلى نتيجة. المبادرة الحالية المطروحة هي نفسها مبادرة جنبلاط، إضافة إلى اقتراح برّي إيجاد مخرج للوزيرين المسيحيين.
وجاء موقف نصر الله بعدما تواصل التيار العوني بحزب الله، طالباً منه موقفاً داعماً، ويخيره بين الوقوف إلى جانب برّي أو إلى جانب رئيس الجمهورية. لكن حزب الله رفض الوقوع في منزلة بين الاثنتين.