لا يمكن قراءة «مارادونا» كظاهرة سياسية دون التوقف طويلا ومليا أمام أضواء وظلال علاقته بـ«كاسترو».من مفارقات التاريخ أنهما رحلا فى اليوم نفسه (25) نوفمبر.”أنا قلبي فلسطيني”.
كانت واحدة من عباراته التي ذاعت. “بوش قمامة بشرية» و«قاتل».
كانت تلك صرخة أخرى أطلقها، وهو يقود تظاهرة في بلاده عام (2005) ضد زيارة قام بها الرئيس الأمريكى بعد احتلال بغداد بعامين. “ترامب مستبد وطاغية». كانت تلك صرخة ثالثة.
ناهض السياسات الأمريكية المتوحشة فى القارة أو بأى مكان آخر بالعالم.
هكذا دعم «هوجو شافيز» وخليفته «نيكولاس مادورو» فى الصراع المفتوح على السلطة والمستقبل فى فنزويلا التى تعانى الفاقة والعوز رغم ثرواتها النفطية.
قال ذات مرة: «أنا شافيستا»، «شافيز» لا «كاسترو».
فى أوقات سابقة قال «شافيز» نفسه: «أنا ناصري».
كان قصده استلهام التجربة المصرية في وحدة القارة ومناهضة الهيمنة الأمريكية، استلهام لا احتذاء، ربما باعتقاد أنها أقرب إلى أحوال فنزويلا من التجربة الكوبية.
وكان قصد «مارادونا» الإعراب عن دعمه اللا محدود للتجربة الفنزويلية في أوضاع حصار وحرب.
امتدت صلات «مارادونا» بالدعم والمؤازرة مع زعماء في القارة من حجم «إيفو موراليس» (بوليفيا)، «لولا دا سيلفا» (البرازيل).
في بلده الأرجنتين دعم الحزب البيروني اليساري على عهد الرئيس الراحل «نيستور كيرشنر» وخليفته بالانتخاب زوجته «كريستينا كرشنر».
في الحساب الأخير قدمت الأرجنتين للعالم في العقود الأخيرة أربعة نجوم فوق العادة من عوالم مختلفة، الأسطورة الأممي «تشى جيفارا» وأسطورة كرة القدم «دييجو أرماندو ماردادونا»، وبابا الفاتيكان «فرانسيس» بإرثه في لاهوت التحرير بالقارة اللاتينية وانفتاحه على الثقافات الأخرى على نحو غير معهود، و«إيفا بيرون»، الزعيمة السياسية العمالية الأكثر شعبية في تاريخ بلادها.
في مسرحية غنائية شهيرة تحولت إلى فيلم عام (1996) عن قصة حياة «إيفيتا»، كما كان يدلل الأرجنتينيون زعيمتهم المحبوبة، لخصت الأغنية الذائعة: «لا تبكى من أجلى يا أرجنتين» قدر الحزن على فقدها والتوحد مع إرثها.
لم يخطر ببال «مارادونا» أن يحظى بحزن مماثل، كالذي حازته «إيفيتا»، وأن تبكي الأرجنتين من جديد.
المصدر: الشروق