
يرى المنبر السوري الديمقراطي المكون من العديد من الأحزاب والتجمعات والتيارات ومنظمات المجتمع المدني، وبموجب اجتماعهم يوم السبت الموافق 14 حزيران أن المرسوم الرئاسي رقم 66 لعام 2025، وإن بدا خطوة باتجاه إعادة تشكيل الحياة الدستورية، إلا أنه يفتقر في مضمونه إلى الأسس اللازمة لبناء برلمان حقيقي يعكس الإرادة الشعبية ويؤسس لمرحلة انتقالية تقوم على التعددية والتمثيل الشامل.
إن اختيار أعضاء المجلس (البرلمان) على أساس فئتي “الأعيان” و”المثقفين”، دون وجود معايير واضحة وشفافة، يُخشى أن يتحوّل إلى آلية لإعادة إنتاج نخبوية ضيقة تحتكر القرار التشريعي، وتقصي شرائح واسعة من المجتمع السوري، خصوصًا أولئك الذين تضرروا بفعل الاستبداد والفساد طوال العقود الماضية.
والأخطر من ذلك، هو الإصرار على اختزال دور البرلمان القادم في الوظيفة التشريعية فقط، وهو توجه يعيدنا إلى تجربة نظام الأسد الذي حصر العمل السياسي في أطر مغلقة (كـ “القيادة القطرية” سابقًا).
إننا نرى أن البرلمان يجب أن يكون منصة أساسية لصناعة القرار السياسي في الدولة، ولا يمكن قبول أي تهميش لدوره أو تقزيمه كمجرد هيئة تشريعية بلا روح سياسية.
كما أن تعيين ثلث أعضاء المجلس (البرلمان) من قبل رئيس الجمهورية، دون قيود أو ضوابط تضمن استقلالية السلطة التشريعية، يشكل تهديدًا صريحًا لمبدأ الفصل بين السلطات، ويفتح الباب لتوجيه البرلمان أو تعطيله بما يتعارض مع مبدأ تمثيل الإرادة العامة للسوريين.
وإننا نسجل بقلق غياب أي إشارة للأحزاب السياسية المنبثقة من رحم الثورة السورية في هذا المرسوم، ما يعكس توجهاً لإقصاء القوى الوطنية المعارضة، وحصر تشكيل البرلمان بشخصيات يتم اختيارها بتفاهمات فوقية لا تمت للتعددية السياسية بصلة.
من هنا، فإننا نطالب بفتح العملية السياسية أمام كافة المكوّنات الوطنية، وإشراكها بفعالية في بناء السلطة التشريعية.
ولا يقل أهمية عن ذلك، غياب جدول زمني واضح وصارم لتشكيل الهيئات الفرعية الناخبة، الأمر الذي يثير مخاوف من تأجيلات متكررة أو تفاهمات غير معلنة تعرقل مصداقية العملية برمتها.
كما نطرح تساؤلات مشروعة حول إمكانية إجراء انتخابات نزيهة في مناطق خارجة عن سيطرة النظام جزئيًا، مثل مناطق الإدارة الذاتية أو السويداء وبعض مناطق الساحل.
إضافة أننا نرى أن هناك تخصيصاً غير عادل بالنسبة لعدد السكان، وخاصة فيما يتعلق بالمنطقة الشرقية التي كانت مهمشة من قبل النظام السابق.
كما نرى أن البرلمان يفترض أن يكون ممثلاً للشعب عبر نواب يمثلونه، وبذلك يعتمد عدد النواب من كل مدينة أو محافظة على حسب تعداد السكان، تحقيقاً للعدالة في التمثيل البرلماني، وهذا ما لم يتطرق المرسوم له بل تُرك مفتوحاً على خيارات نراها غير عادلة.
كما وأن القرار 66 لم يُراع قضية تخصيص مقاعد خاصة للنساء والشباب.
وإننا نتساءل: في حال الاعتراض أو الرقابة على العمل الانتخابي، فأي سلطة رقابية
أو هيئة مستقلة ستشرف على عمل اللجان؟
إننا في المنبر السوري الديمقراطي، نؤمن أن تأسيس برلمان وطني حقيقي لا يمكن أن يتم إلا على قاعدة التمثيل العادل، والمشاركة السياسية، وإشراك جميع السوريين في صياغة مستقبلهم المشترك.
ومن هنا، نؤكد على ضرورة:
* تعديل آلية تعيين الأعضاء بما يضمن الشفافية والعدالة.
* إقرار جدول زمني ملزم لتشكيل الهيئات الانتخابية.
* تأكيد أن البرلمان ليس مجرد سلطة تشريعية، بل هو حاضنة للعمل السياسي الوطني.
* ضمان استقلاليته عن السلطة التنفيذية وعدم خضوعه لتعيينات مسيّسة.
إن أي مشروع إصلاح سياسي لا يستند إلى مشاركة شعبية حقيقية، وفضاء ديمقراطي مفتوح، سيبقى مجرد إعادة ترتيب للواجهة دون تغيير جوهري.
ونؤكد أن الطريق إلى سورية المستقبل يبدأ من برلمان حرّ، متنوع، قوي، يُشرّع ويحاسب، ويشارك في صناعة القرار السياسي.
صادر عن المنبر السوري الديمقراطي
16 حزيران 2025