
مقدمة
في ضوء سقوط نظام الأسد والتغيرات المفاجئة التي شهدتها سوريا، وجد التحالف السوري الديمقراطي نفسه أمام ضرورة إعادة تقييم استراتيجيته وهيكليته وأهدافه، خصوصًا بعد التصريحات المتتالية للرئيس الانتقالي أحمد الشرع. هذه المستجدات تستدعي موقفًا واضحًا من التحالف يحدد توجهاته فيما يخص الإدارة الجديدة، العمل السياسي، مؤتمر الحوار الوطني، المرحلة الانتقالية، إعادة الإعمار، العدالة الانتقالية، قضايا اللاجئين، الدستور، الانتخابات والاقتصاد. بناءً على ذلك، يعيد التحالف صياغة موقفه بما يتلاءم مع التطورات السياسية الأخيرة.
أولًا: الموقف من الإدارة الجديدة في سوريا
بعد إعلان الرئيس الانتقالي أحمد الشرع عن رؤيته لسوريا الجديدة، تتباين الإشارات الصادرة عن الإدارة الجديدة بين خطاب يدعو إلى الإصلاح والانفتاح، وبين ممارسات تعكس استمرار هيمنة بعض الأطراف ذات الخلفيات غير الديمقراطية. ورغم أن بعض الوزراء، مثل وزير الخارجية، يبدون انفتاحًا على القوى السياسية والمجتمع الدولي، إلا أن هناك مؤشرات مقلقة مثل تعيين شخصيات غير مؤهلة في المناصب القضائية مثل وزير العدل، ومنح رتب عسكرية لضباط غير سوريين، وتعيين عسكريين في مناصب مدنية، بالإضافة لتعيينات اللون الواحد في الحكومة بصورة عامة.
يؤكد التحالف السوري الديمقراطي على النقاط التالية:
ضمان ضبط الأمن عبر آليات فعالة تمنع جميع أشكال الانتهاكات، بغض النظر عن الجهة المرتكبة، والتعامل معها بحزم وفق معايير العدالة والمساءلة، بما يحترم حقوق الإنسان ويضمن عدم تكرارها ويؤسس لبيئة آمنة ومستقرة تحترم حقوق جميع المواطنين.
حظر التعذيب والتغييب القسري، تحت أي ظرف، ولأي طرف كان، كونه حق إنساني وقانوني لا يمكن تجاوزه واحترام يضمن الكرامة الإنسانية والعدالة.
التركيز على فصل السلطات، واستقلالية القضاء، وبناء منظومة قانونية مدنية.
على المجلس التشريعي المصغر المزمع تشكيله أن يعتمد على معايير الكفاءة والخبرة والنزاهة والتوازن والشمول، ولا يقتصر على لون واحد.
لا بد أن تكون المشاركة في بناء الدولة الجديدة قائمة على معايير الكفاءة والتخصص، وليس على الولاءات أو الخلفيات الإيديولوجية، مع أخذ التوازن الجندري بعين الاعتبار.
لا يكفي إصدار تصريحات حول الديمقراطية دون تنفيذ إجراءات فعلية، مثل السماح بحرية العمل السياسي، وضمان استقلال القضاء، والتخلي عن الممارسات الإقصائية، وتبني حقوق الإنسان.
يجب أن يكون هناك تمثيل حقيقي لجميع مكونات المجتمع السوري، بعيداً عن التعاطي الأقلّوي والمحاصصات الطائفية، وليس فقط التعامل مع الأفراد دون الاعتراف بالقوى السياسية والمدنية.
إن التزام الحكومة الانتقالية بحقوق الإنسان، ومبادئ التشاركية في العمل السياسي، أساس لرفع العقوبات المفروضة على سوريا.
يجب وضع آلية شفافة لمراقبة أداء الحكومة الانتقالية، والتأكد من التزامها بمبادئ التعددية والمشاركة الفعلية.
ثانيًا: العمل السياسي في سوريا
يؤكد التحالف السوري الديمقراطي أن العمل السياسي هو الركيزة الأساسية لضمان التحول الديمقراطي، إلا أن إشارات الإدارة الجديدة حول الأحزاب والمنظمات لا تزال غير واضحة. ومع أن بعض القوى حاولت تنظيم اجتماعات علنية في دمشق، إلا أن هناك تضييقًا على النشاطات السياسية للتجمعات الديموقراطية السياسية، بحجة غياب قانون ينظم عمل الأحزاب.
إنّ حق التجمّع والتعبير عن الرأي والعمل في الشأن العام من الحقوق الدستورية المصانة في كل الدساتير السورية المتعاقبة منذ الدستور السوري الأول لعام 1920، وهي أيضًا من الحقوق المنصوص عليها في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وفي كل العهود والمواثيق الدولية التي وقعت عليها سوريا الدولة، وهذا يعني أنّه ليس من حق أحد تجاوزها أو تعطيلها أو منع العمل بها.
يؤكد التحالف على ضرورة:
إصدار قانون واضح يضمن حرية العمل الحزبي والسياسي دون تدخل من السلطة التنفيذية بالتزامن مع الإعلان الدستوري، ودون انتظار الدستور المؤقت أو الدائم.
السماح بفتح مكاتب للقوى السياسية في جميع المحافظات السورية، بما في ذلك العاصمة دمشق.
وقف كل أشكال التضييق على الاجتماعات والتنظيمات المدنية.
ضمان حق التجمع والتعبير السياسي كما نصت عليه الدساتير السورية المتعاقبة والمواثيق الدولية.
يعمل التحالف على توسيع حضوره الميداني من خلال افتتاح مكاتب له، وعقد ورشات حوارية لنقاش مفاهيم الديمقراطية والحوكمة.
ثالثًا: مؤتمر الحوار الوطني
ألغت الإدارة الجديدة المؤتمر الوطني العام، بعد تأجيله عدة مرات، واستعاضت عنه بمؤتمر للحوار الوطني. ورغم إعلان الإدارة الجديدة نيتها تنظيم مؤتمر للحوار الوطني، إلا أن التفاصيل لا تزال مبهمة. حتى الآن لم يتم تحديد صلاحيات المؤتمر، وإلزامية مخرجاته، ومعايير المشاركة، ولم يتم الإعلان عن اللجنة التحضيرية أو جدول الأعمال.
يرى التحالف السوري الديمقراطي أن المؤتمر يجب أن يكون:
من صلاحياته ومهامه تسمية اللجنة الدستورية، أو لجنة إعداد الدستور، لصياغة الدستور القادم للبلاد.
شاملًا لجميع القوى السياسية والمدنية، وليس على أساس المحاصصة الطائفية.
مبنيًا على أسس واضحة، تشمل مخرجات ملزمة، وليس اجتماعاً تشاورياً شكلياً.
مبنيًا على مبادئ الكفاءة والتشاركية.
يعمل التحالف على التواصل مع قوى المعارضة داخل سوريا وخارجها لتنسيق موقف موحد يضغط لضمان شفافية المؤتمر وعدم تحوله إلى منصة لشرعنة الاستئثار بالسلطة.
رابعًا: المرحلة الانتقالية
أعلنت الإدارة الجديدة أن المرحلة الانتقالية ستستمر لمدة ثلاث سنوات أو خمس سنوات حتى، لكن لا يوجد حتى الآن وضوح حول شكل هذه المرحلة وآليات تنفيذها. إنّ مسألة رفع التصنيف عن قوائم الإرهاب، ورفع العقوبات، والاعتراف السياسي الرسمي بالعهد الجديد مرتبطة بسلوك الإدارة الجديدة وليس فقط بمواقف الدول. إنّ تحوّل الإدارة الجديدة من اللون الواحد إلى ألوان الطيف السوري المتعدد، واعتماد دولة القانون معياراً على أساسه ستبني الدول مواقفها وتقيّم على أساسه دعمها المرحلة الانتقالية في سوريا.
من هذا المنطلق، يدعم التحالف السوري الديمقراطي المرحلة الانتقالية. لكنّه في الوقت ذاته لا يعطي شيكًا على بياض للإدارة الجديدة، بل يقيّم الخطوات حسب أهميتها وتوقيتها ومطابقتها المعايير الوطنية التي يراها التحالف كفيلة ببناء المشروعية الدستورية والشرعة الشعبية والمقبولية الداخلية والاعتراف الدولي.
يرى التحالف أن الانتقال الديمقراطي يتطلب:
إصدار إعلان دستوري عاجل، تصيغه لجنة من الكفاءات القانونية والمتخصصين الذين عملوا على ملف الدستور في السنوات الماضية.
تشكيل حكومة انتقالية تضم كافة الأطياف السياسية لضمان عدم استفراد طرف واحد بالسلطة.
عدم إصدار قرارات مصيرية وسيادية مثل التعديلات الدستورية دون مشاورات واسعة.
وضع خارطة طريق واضحة تتضمن خطوات محددة وجدولًا زمنيًا لتنفيذ الإصلاحات.
إنشاء لجنة رقابة مستقلة لمتابعة تنفيذ سياسات المرحلة الانتقالية.
تحرك التحالف: الضغط من خلال الفواعل المتاحة لضمان التزام الحكومة الانتقالية بمبادئ الديمقراطية، وعدم السماح بإعادة إنتاج الديكتاتورية. والتنسيق مع القوى الديموقراطية للعب دور رقابي.
خامسًا: إعادة الإعمار
يرى التحالف السوري الديمقراطي أنّ إعادة الإعمار في سوريا أولوية قصوى يجب التركيز عليها، فعودة السوريين النازحين داخليًا والمهجرين خارجيًا لا يمكن أن تتم دون ذلك. لكنّ تحديات إعادة الإعمار هائلة جدًا، فهي لا تتعلق فقط بالتمويل الذي تحتاجه سوريا، فالبنى الدستورية والقانونية بشكلها الراهن تقف عائقًا أمام إعادة الإعمار. إنّ شكل نظام الحكم وبناء مؤسسات الدولة والأنظمة الدستورية والقانونية تلعب أدوارًا حاسمة في تسريع عملية إعادة الإعمار أو في إعاقتها. فبدون نظام قضائي حياديٍ، مستقلٍ، عادلٍ وسريع الإجراءات، وبدون نظام مصرفي شفافٍ، نزيه وفعال، وبدون نظامٍ ماليٍ متوافق مع الأنظمة العالمية ودون نظامٍ ضريبيٍ وآخر جمركيٍ يسمح بتدفق رؤوس الأموال والشركات والخبرات، لن تتمكن سوريا من إنجاز هذه المهمة الكبيرة.
توصيات التحالف:
عدم السماح للمستثمرين ورجال الأعمال السوريين المتورطين بجرائم النظام السابق بالمشاركة قبل مرورهم على آليات المساءلة والمحاسبة.
ضمان عدم احتكار إعادة الإعمار من قبل جهات مرتبطة بالإدارة الجديدة.
ضمان أن تكون مشاريع إعادة الإعمار مستدامة وتخدم جميع السوريين.
الاستفادة من الخبرات السورية في الخارج لدعم عملية الإعمار.
أخذ احتياجات الضحايا بعين الاعتبار.
سادساً: العدالة الانتقالية
لقد بات واضحًا أنّ حجم الانتهاكات في سوريا هائل لدرجة يصعب معها البدء بأي عمل منتج دون وضع أسس واضحة لمسار متكامل للعدالة الانتقالية.
يرى التحالف أنّ مسار العدالة الانتقالية في سوريا بحاجة لمعالجة حقيقة تحتاج لتوفير شروطها والأرضية الملائمة لها. يجب أن يتم استحداث هيئة مستقلّة للعدالة الانتقالية في المرحلة المقبلة، ويجب أن يدير هذه الهيئة شخصيات مستقلّة ذات سمعة ونزاهة وحياد، لديها الخبرة والكفاءة وعملت في السنوات الماضية على ملف العدالة الانتقالية. كذلك يجب أن تجري هذه الهيئة مشاورات واسعة مع الضحايا وأهالي الضحايا لتأخذ متطلباتهم واحتياجاتهم وخبراتهم بعين الاعتبار.
ويبدي التحالف استعداده الكامل لتقديم خبرات أعضائه وجهوده الحثيثة في دعم هذا المسار حتى يصل إلى النتائج المرجوة منه.
يرى التحالف أن العدالة الانتقالية تتطلب:
تشكيل هيئة مستقلة للتحقيق في الجرائم والانتهاكات السابقة. تتكون اللجنة من خبرات وكفاءات ذات نزاهة وحياد، ممن عملوا على ملف العدالة الانتقالية في السنوات الماضية.
ضمان حقوق الضحايا من خلال آليات محاسبة شفافة، ومحاكمات علنية.
أن تشمل العدالة الانتقالية الانتهاكات الحالية من جميع الأطراف.
عدم منح أي حصانة للمسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية.
أن يكون مسار العدالة الانتقالية حساساً للنوع الاجتماعي.
سابعًا: ملف المفقودين والمغيبين قسرًا
يعد ملف المفقودين والمغيبين قسرًا أحد أكثر القضايا إلحاحًا وحساسية في المسار الانتقالي لسوريا الجديدة، إذ لا يمكن تحقيق مصالحة وطنية حقيقية دون كشف الحقيقة، محاسبة المسؤولين، وإنصاف الضحايا وعائلاتهم. لقد عانى عشرات الآلاف من السوريين والسوريات من الإخفاء القسري في سجون النظام السوري وسجون أطراف أخرى، مما يجعل هذه القضية أساسية في أي عملية عدالة انتقالية.
يرى التحالف السوري الديمقراطي أن معالجة هذا الملف تتطلب:
إنشاء هيئة وطنية مستقلة للتحقيق في حالات الاختفاء القسري، تضم ممثلين عن الضحايا ومنظمات حقوق الإنسان، وتتمتع بصلاحيات كاملة للوصول إلى جميع السجلات والمعتقلات، والتنسيق مع الهيئات الدولية المشكلة لهذا الغرض.
إجبار جميع الأطراف المتورطة في الإخفاء القسري على الكشف عن مصير المفقودين وإطلاق سراح المعتقلين غير المدانين قضائيًا، أو المدانين وفق أحكام تعسفية تتنافى مع حقوق الإنسان.
ضمان المساءلة وعدم الإفلات من العقاب عبر إحالة المتورطين في جرائم الإخفاء القسري إلى محاكم عادلة، ورفض أي عفو عام أو تسويات سياسية تتجاهل حقوق الضحايا.
تقديم تعويضات عادلة لعائلات المفقودين وضمان حقهم في معرفة الحقيقة، بما يشمل فتح جميع الأرشيفات الأمنية، وإجراء تحقيقات شفافة حول مصير ذويهم.
دعم برامج التأهيل النفسي والاجتماعي للناجين وذوي المفقودين، وإدماجهم في جهود العدالة الانتقالية بما يضمن تحقيق إنصاف حقيقي.
إن أي عملية انتقالية في سوريا لن تكون ذات شرعية ما لم تتضمن معالجة شاملة لملف المفقودين والمغيبين قسرًا، تضمن الحقيقة، العدالة، والمحاسبة، وتمنع تكرار هذه الجرائم في المستقبل.
ثامناً: عودة اللاجئين والنازحين
يرتبط ملف اللاجئين والنازحين بملفي العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار، ويجب أن يكون ذا أولوية في المرحلة الانتقالية وعلى طاولة الحكومة المقبلة.
إنّ أزمة اللاجئين والنازحين ليست مشكلة سورية فحسب، بل هي مشكلة إقليمية ودولية. دون انتهاج مسار سوري متكامل للعدالة الانتقالية وإعادة الإعمار لن يكون بمقدور أحد العودة إلى سوريا، فبدون محاسبة المجرمين ومرتكبي الانتهاكات ستتحوّل البلد إلى ساحة لاستيفاء الحق بالذات وإلى الانتقام والتنكيل. وبدون تحديد فئات الضحايا وتحديد أولوياتهم واحتياجاتهم سنكون أمام نوعٍ جديد من ضياع العدالة الاجتماعية وخلق جيلٍ جديدٍ من الناقمين والحاقدين. ودون إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية وبقية مؤسسات الدولة، سنكون أمام دورة جديدة من الفساد وإعادة إنتاج الاستبداد والديكتاتورية.
إن تحقيق العودة الطوعية يتطلب:
بيئة مستقرة وآمنة تكفل الحماية القانونية والاجتماعية للعائدين.
مسارًا سياسيًا واضحًا يضمن تمثيل جميع السوريين والسوريات.
عدالة انتقالية حقيقية تشمل المحاسبة والتعويضات.
يرى التحالف السوري الديمقراطي أن معالجة هذا الملف تتطلب:
وضع آليات حوكمة ورقابة فعالة لضمان عدم استغلال الملف سياسيًا وللحفاظ عليه ضمن الأطر الوطنية.
إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية لضمان عدم تكرار الانتهاكات ومنع إعادة إنتاج الاستبداد.
ضمان عودة اللاجئين ضمن بيئة آمنة قائمة على نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان والمواطنة.
إيلاء ملف حقوق السكن والأرض والملكية الأولوية لما له من أهمية في عودة النازحين والمهجرين.
تاسعاً: الإعلان الدستوري والدستور السوري
يرى التحالف أن الأولوية اليوم لإصدار إعلان دستوري، يلتزم بحقوق الإنسان، ويضمن للكيانات والقوى السياسية حرية التنظيم والحشد والعمل والمشاركة في جميع مسارات المرحلة الانتقالية.
لا بدّ أن يكون الدستور السوري معبرًا عن جميع السوريين والسوريات، فهو حجر أساس الهويّة الوطنية السورية التي تبنى عليها المواطنة وحقوق الإنسان.
أنفقت القوى السياسية والكفاءات السورية المتخصصة جهودًا كبيرة خلال السنوات الأربعة عشر محاولة كتابة الدستور، وبالفعل تم وضع النقاط التي يمكن اعتبارها مواد أوليّة قابلة للتطوير. إنّ إهدار هذه الجهود يعني إطالة الوقت أمام السوريين والسوريات مجددًا، وهو ترفٌ لا يملكونه. يرى التحالف أنّ الكفاءات السورية الكثيرة من سياسيين وأدباء ومفكرين وقانونيين وفنانين ورجال أعمال قادرة على كتابة دستور عصري يجمع شمل السوريين والسوريات ويؤسس لدولتهم الجديدة المنشودة.
يرى التحالف أن الدستور السوري الجديد يجب أن يكون:
أحد مخرجات مؤتمر الحوار الوطني عبر توافق وطني واسع.
ضامنًا للهوية الوطنية السورية عبر تكريس قيم المواطنة وحقوق الإنسان.
وثيقة تعكس فلسفة العيش السوري الجديد وتحدد العلاقة بين الدولة والمجتمع.
نتاج جهود الكفاءات السورية من سياسيين، مفكرين، وقانونيين قادرين على صياغة دستور عصري.
عاشراً: قانون الانتخابات
يرى التحالف أن أي عملية انتخابية يجب أن تستند إلى:
إطار قانوني واضح يضمن نزاهة الانتخابات.
إجراءات رقابة مستقلة لمنع أي تجاوزات قد تؤثر على شفافية الانتخابات.
معايير تمثيل متوازنة لضمان عدم إقصاء أي مكون سوري، دون الانزلاق في المحاصصة الطائفية.
تشكيل هيئة مستقلة ومحايدة لتنظيم العملية الانتخابية بعيدًا عن التدخل السياسي لأي سلطة قائمة.
أحد عشر: التوجه الاقتصادي
يرى التحالف السوري الديمقراطي أن التوجهات الاقتصادية للحكومة المؤقتة، مثل رفع الدعم عن الخبز وتوحيد التعرفة الجمركية وزيادة الرواتب، تفتقر إلى رؤية شاملة تأخذ في الحسبان الاحتياجات الملحة للمواطنين والمواطنات. إنّ رفع الدعم عن السلع الأساسية دون تقديم شبكات أمان اجتماعي فعّالة يعمّق الأزمات المعيشية، خاصة للفئات الأكثر تضررًا، بينما تؤدي زيادة الرواتب، في ظل تضخم غير مضبوط، إلى تآكل قيمتها الفعلية. وفي الوقت نفسه، فإن سياسات مثل توحيد التعرفة الجمركية، رغم أهميتها لتحفيز الاقتصاد المحلي، قد تواجه عقبات كبيرة في ظل غياب البنية التحتية والخدمات الأساسية اللازمة للإنتاج. كما أنّ الوعود الاقتصادية مثل تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح تظل أقرب إلى الخطاب السياسي منها إلى الواقع العملي.
كما يشدد التحالف على ضرورة التزام الحكومة الانتقالية بصلاحياتها وبالتشاركية الفعالة في اتخاذ القرار، خاصة فيما يتعلق بالقرارات الاقتصادية السيادية طويلة المدى، لضمان أن تكون هذه القرارات نابعة من توافق وطني يعكس مصالح جميع السوريين والسوريات.
يؤكد التحالف أن السياسات الاقتصادية الحالية تفتقر إلى رؤية شاملة، ويرى أن الأولويات الاقتصادية يجب أن تشمل:
توفير الاحتياجات الأساسية من غذاء، صحة، وتعليم لجميع السوريين والسوريات، عبر توجه اقتصادي حر اجتماعي.
ضمان العدالة الاجتماعية من خلال توزيع عادل للموارد وتقليل الفجوة الاقتصادية.
الالتزام بالشفافية الاقتصادية في إدارة الموارد واتخاذ القرارات السيادية.
تحفيز الإنتاج المحلي عبر سياسات تدعم الزراعة والصناعة.
اثنا عشر: العلاقات الخارجية
يشدد التحالف على أهمية بناء علاقات خارجية متوازنة، تقوم على احترام السيادة الوطنية، وتعزيز التعاون مع المجتمع الدولي بما يخدم مصالح الشعب السوري.
يرى التحالف السوري الديمقراطي أن السياسة الخارجية لسوريا الجديدة يجب أن تستند إلى التوازن، السيادة، والمصالح الوطنية، مع التأكيد على عدم الارتهان لأي طرف خارجي.
بناءً على ذلك، يؤكد التحالف على المبادئ التالية:
التوقيع على المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
احترام السيادة الوطنية وعدم السماح بأي تدخل خارجي يمس استقلال القرار السوري.
تعزيز التعاون الإقليمي والدولي وفق علاقات قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
دعم مسار الحل السياسي في سوريا عبر شراكات دولية تسهم في استقرار البلاد وإعادة إعمارها.
الانفتاح على المجتمع الدولي مع الحفاظ على استقلالية القرار الوطني وعدم الانحياز غير المدروس لأي محور.
ضرورة تبني نهج وطني تشاركي في المشاورات والقرارات السيادية المتعلقة بالوجود العسكري الأجنبي، بما في ذلك القواعد الروسية والتركية في سوريا، لضمان عدم الانفراد باتخاذ قرارات تمس السيادة الوطنية ومستقبل البلاد.
إعادة صياغة العلاقات الدولية على أسس ندية، بما يكفل تصحيح الاختلالات السابقة، ومطالبة الدول التي ساهمت في دمار سوريا وإغراقها بالديون تحت حكم النظام السابق بتحمل مسؤولياتها، خصوصا روسيا وإيران، سواء من خلال تعويضات عادلة أو عبر آليات تدعم إعادة الإعمار بما يحقق مصلحة الشعب السوري، بعيدًا عن أي وصاية أو استغلال سياسي.
يؤكد التحالف السوري الديمقراطي التزامه بالعمل مع جميع الأطراف لتحقيق تطلعات الشعب السوري في بناء دولة ديمقراطية تعددية، تضمن حقوق جميع مواطنيها، وتحقق العدالة والمساواة.
الخاتمة
يرى التحالف السوري الديمقراطي أن بناء سوريا الجديدة يستلزم خارطة طريق واضحة تُركز على العدالة الانتقالية، إعادة الإعمار، والإصلاح السياسي، إلى جانب بيئة سياسية تضمن مشاركة حقيقية لجميع السوريين والسوريات دون إقصاء. كما يتطلب تحقيق هذا الهدف إصلاحات مؤسسية جذرية تحول دون إعادة إنتاج الاستبداد، فضلاً عن التزام وطني ودولي بدعم مسار التحول الديمقراطي. وإذ تدخل سوريا مرحلة حاسمة في تاريخها، يؤكد التحالف أن تحقيق التغيير المنشود لا يمكن أن يتم إلا من خلال نهج شامل ومستدام يُراعي حقوق جميع المواطنين، ويؤسس لدولة عادلة قائمة على المواطنة، سيادة القانون، والمساواة.
التحالف السوري الديمقراطي
بيان مهم للتحالف السوري الديمقراطي وبما يتضمنه من رؤية واضحة للإجراءات المطلوبة للمرحلة الإنتقالية وصولاً الى المؤتمر الوطني العام الذي يشكل لجنة تأسيسية لتدوين الدسنور وهو الذي سيحدد ماهية الدولة وعلاقاتها من محيطها الهربي والإسلامي والإقليمي.