فشل الجانب الروسي في تطويق التوتر الحاصل بين النظام السوري و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي تفرض حصاراً على مربعين أمنيين للنظام في مدينتي الحسكة والقامشلي، في تطوّر لا يمكن عزله عما يجري في ريف دير الزور في شرق سورية من معارك بين “قسد” وقوات عشائرية مدعومة من النظام والإيرانيين. وذكرت صحيفة الوطن السورية المقربة من النظام، الجمعة، أن الاتصالات واللقاءات التي أجراها قائد القوات الروسية في سورية أندري سيرديكوف، الذي زار، برفقة عدد من الضباط الروس، مدينة القامشلي “لم تفض إلى نتائج إيجابية”. وأشارت إلى أن قادة “قسد” رفضوا الوساطة وأكدوا إصرارهم على مواصلة حصار مربعين أمنيين للنظام في مدينتي الحسكة والقامشلي. وكانت هذه القوات قد أحكمت الحصار على المربعين الأربعاء الماضي على وقع المعارك الجارية في ريف دير الزور الشرقي في شرق سورية، بينها وبين مجموعات عشائرية مدعومة من النظام والمليشيات الإيرانية.
فشل روسي في الحسكة والقامشلي
ونقلت شبكات إخبارية محلية عن مصادر مطلعة قولها إن سيرديكوف الآتي من قاعدة حميميم، أخفق في فكّ الحصار عن المربعين الأمنيين في مدينتي الحسكة والقامشلي، مشيرة إلى أن قادة “قسد” الذين حضروا الاجتماع في مطار القامشلي اشترطوا وقف التصعيد من جانب المليشيات التابعة للنظام، ووقف الهجمات على نقاطها العسكرية في ريف دير الزور. في السياق، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات “قسد” سيطرت على قرية مجيبرة بريف الحسكة وحاجزين لقوات النظام في محيط القرية، وطردت المسلحين الموالين للنظام منها. وأشار إلى أن هذه القوات باتت على مشارف فوج كوكب العسكري الذي تتمركز ضمنه قوات النظام، جنوبي الحسكة. وذكرت مصادر محلية أن قوات “قسد” تشن حملة لاعتقال مجموعات تابعة للنظام تمتهن التشليح وقطع الطرق لسلب المدنيين، مؤكدة أنه جرى تبادل للنار بين هذه القوات وعناصر النظام المتمركزين في الفوج. وقالت مصادر إعلامية مقربة من “قسد” إن الحملة “جاءت بعد مطالبات سكانية للحدّ من عمليات خطف وتشليح ازدادت أخيراً في المنطقة”. ونفت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” عما يروّج له النظام السوري عن حصار للمدنيين، مشيرة إلى أن المربعين الأمنيين يضمان مقرات للأجهزة الأمنية وبعض مؤسسات الدولة، مؤكدة أن حركة المدنيين مستمرة.
ولا يمكن عزل ما يجري في محافظة الحسكة عما يحدث في شرق سورية منذ أيام من معارك وتبادل قصف بين “قسد” ومجموعات عشائرية. وارتكبت هذه المجموعات مجزرة أول من أمس الجمعة في قريتي الدحلة وجديد بكارة، عبر القصف العشوائي بقذائف الهاون، مما أدى إلى مقتل 11 مدنياً، غالبيتهم من النساء والأطفال. وذكرت شبكات إخبارية محلية أن اشتباكات اندلعت فجر أمس السبت بين “جيش العشائر” وقوات “قسد” في بلدتي ذيبان ومحكان شرقي دير الزور، مشيرة إلى مقتل قيادي في العشائر نتيجة هذه الاشتباكات. وأوضحت هذه الشبكات أن المواجهات امتدت إلى محاور عدة على الضفة الشمالية لنهر الفرات في شرق سورية، مشيرة إلى أن قوات النظام قصفت صباح أمس السبت بلدة البصيرة بقذائف الهاون.
واستقدمت “قسد” تعزيزات عسكرية إلى ضفاف نهر الفرات بالقرب من البصيرة، لمواجهة المليشيات المحلية المدعومة من إيران. وبدأت حركة نزوح كبيرة من عدة بلدات خشية من القصف العشوائي من قوات النظام والمليشيات التابعة لها. وكانت مليشيا “جيش العشائر” التي تضم مسلحين من عشائر عربية، خاصة من قبيلة العكيدات، بدأت في السابع من الشهر الحالي هجوماً واسعاً على مواقع وبلدات تحت سيطرة “قسد” شمال نهر الفرات في شرق سورية بدعم إيراني بالسلاح والذخيرة. كذلك شاركت في الهجوم مليشيات أخرى محلية مدعومة من إيران اقتربت للمرة الأولى من قواعد أميركية، وأبرزها قاعدة العمر بريف دير الزور الشرقي.
وضع معقد في شرق سورية
واعتبر مدير مركز الشرق نيوز، فراس علاوي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن المشهد في شرق سورية وشمالها “معقد”، معرباً عن اعتقاده بأن الجانب الإيراني “يريد خلط الأوراق في المنطقة بأدوات محلية”. كذلك رأى أن الجانب الإيراني “ربما كان وراء إفشال الوساطة الروسية لتهدئة الأوضاع في المنطقة”، مضيفاً أن “طهران تهدف إلى خلق الفوضى في مناطق نفوذ الأميركيين والتحالف الدولي في شرق سورية وشمال شرقها على وقع التوتر الذي يشهده الشرق الأوسط”.
ويحتفظ هذا التحالف بحضور عسكري واسع النطاق في شرق سورية وشمالها الشرقي، للحد من النفوذ الإيراني وحماية حقول وآبار النفط والغاز في ريفي دير الزور والحسكة، وأبرزها حقل العمر النفطي، أكبر حقول النفط في سورية. وتتقاسم “قسد” من جهة، وقوات النظام السوري من جهة أخرى، السيطرة على محافظة دير الزور. وتفرض “قسد” سيطرة على ريف دير الزور شمالي نهر الفرات، وصولاً إلى الحدود الجغرافية مع العراق، باستثناء عدة قرى تسيطر عليها مليشيات إيرانية التي تفرض مع النظام سيطرة على مدينة دير الزور مركز المحافظة، وريفها الواقع جنوب النهر. ولكن سيطرة النظام أقرب للإدارية والخدمية فقط، فالكلمة العليا للمليشيات الإيرانية التي تسيطر بشكل مطلق على جزء من ريف دير الزور الشرقي جنوب نهر الفرات، يمتد من مدينة الميادين غرباً إلى مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية شرقاً، بطول أكثر من 50 كيلومتراً. وتسيطر “قسد” على جلّ محافظة الحسكة، باستثناء مربعين أمنيين للنظام في القامشلي والحسكة، وفي بعض القرى، إضافة إلى مطار القامشلي، وبفوجين عسكريين هما: “الفوج 123″ (فوج كوكب) قرب الحسكة، و”الفوج 154” (فوج طرطب) قرب مدينة القامشلي.
المصدر: العربي الجديد
لعبة المحتلين وسلطة أمر الواقع بشرق الفرات أصبحت مسرحية مكشوفة، نظام دمشق تدعم حراك العشائر بشرق دير الزور وتضغط على سلطة أمر الواقع مسد/قسد وتقوم مسد/قسد بالضغط على نظام دمشق بمحافظة الحسكة بإعتقال أمين فرع الحزب وحصار المربعات الأمنية، هي صراع بين المحتل الأمريكي والروسي من خلال أذرعتهم كسلطة أمر واقع.