بات راسخا لدينا. بعد الثورة السورية العظيمة. والمواقف الدولية منها.. ومن حرب غزة(الشهيدة) التي استدعى المشهد البربري الدموي المتوحش فيها والذي مضى على تأججه أكثر من مئة وخمسين يوما الى استنفار الراي العام الشعبي الدولي…استنكاراً واحتجاجاً وتهديداً وخاصة بعد مجزرة الطحين السوداء في دوار النابلسي اخيرا…….وكذلك بعد العري الكامل لجوهر السياسة التي يعتمدها اباطرة القادة للنظام الدولي المافياوي المعولم….. كما ظهر جليا في تصريحات الزعيم بايدن…عندما قال.. لو لم تكن اسرائيل موجودة لأوجدناها… وكما لحن له وزير دفاع الكيان الصهيوني بقوله: اننا نقاتل حيوانات بشرية.
ان العالم لازال محكوما في سيرورته وصيرورته وصراعاته. بالمعادلة التي تقول ان الحياة للأقوى. وان عملية الصراع بين القوة والضعف هي التي تقرر نمط وشكل ومستوى الحياة البشرية التي نعيشها وهي التي تحدد الطرف المقرر والسائد والمسود فيها…
وإذا كان ذلك شبه متعارف ومُجْمَع عليه.. الا ان البشر على مر التاريخ كانوا يحاولون التمرد على هذه المعادلة والعمل على انتاج بديل نقيض لها. وهكذا كانت ولازالت تسير عجلة التاريخ وتستمر بالدوران…. حتى الان…
وبالمقابل وبعد ان صار واضحا لدينا اننا نحن شعوب هذه المنطقة المستهدفون والمهددون بكل اشكال الإذلال والاحتواء والاخضاع والقتل. والتهجير.. حتى الافناء والابادة…..
فإننا مدعوون الى الدفاع عن ذواتنا وعن حقنا في الحياة وبالتالي نحن مطالبون بوقفة نوعية مع الذات واعادة التفكير والنظر بكل عناصر الفكر والثقافة التي تَشكل وعينا بموجبها…والتمرد على الصندوق الذي تقولبنا داخل محدداته …تحت عناوين براقة والتي ثبت زيفها وحاجتنا الى تجاوزها…
وفي سبيل ذلك نحن مطالبون بالبحث عن كل عناصر ومقومات قوتنا المجتمعية التي تجعل منا كيانات موحدة صلبة متماسكة لمواجهة.. الاعصار المتوحش الذي يهدد باقتلاعنا …
ولهذا نجد ان إعادة النظر في أحد أسباب ضعفنا وتشتنا وخاصة على المستوى السياسي الذي يعتبر العامل الحاسم في ادارة شؤون المجتمعات والمقرر فيها صار ضرورة وجودية. وسيكشف لنا ذلك اننا مارسنا هذا الصراع في دوائره الايديولوجية والفكرية والدينية على قاعدة التناحر والاقصاء والتفرد والاحتكار للسلطة …
مما اوصلنا الى متاهات الوضع الراهن الذي لا يوجد مثيلا له في التاريخ. حيث نراقب ونتفرج على عمليات الذبح والابادة التي تنفذ علينا ونحن لا نحرك ساكنا….
وهذا ما يدفعنا الى اعادة بناء وصياغة المعادلة السياسية التي ذكرناها من جديد ليتحول ما سميناه بالصراع السياسي والاجتماعي والاقتصادي القائم على اساس التناحر والاقصاء…والتفرد في السلطة…الى ما ينبغي ان نسميه بالتدافع الذي يتم في إطار التكامل والوحدة الوطنية والمجتمعية …واعادة الاعتبار لجميع العناصر التي تشكل لنا القوة واللحمة التي نطلبها…
فليس التدافع بين الايديولوجيا القومية والايديولوجيات الاخرى الماركسية والليبرالية وغيرها واعادة الاعتبار لدور الدين في فضاء مجتمعاتنا الا تحقيقا لوحدتها وقوتها ومنعتها وهي حالة عشنا شبيها لها في بدايات نصف القرن الماضي …ويتوجب علينا اعادة العمل بها مرة اخرى….والا فنحن امة …ينتظرها اعادة صياغة كياناتها لتبقى في موقع التبعية والاستغلال والاستثمار في فضاء نظام عولمي دولي مدمِّر.
التدافع بين الايديولوجيا القومية والايديولوجيات الاخرى الماركسية والليبرالية وغيرها واعادة الاعتبار لدور الدين في فضاء مجتمعاتنا هو تعبير وحدتها وقوتها ومنعتها كبدايات نصف القرن الماضي لذا علينا اعادة العمل بها مرة اخرى وإلا سنكون أمام إعادة صياغة كيانات في مواقع التبعية والاستغلال بفضاء نظام عولمي دولي مدمِّر.