ما إن أقر مجلس النواب الامريكي قانون مناهضة التطبيع مع نظام العمالة في سورية..في الخامس عشر من الشهر الجاري حتى تداعى نفر من المهتمين بالشأن السوري العام الى الاحتفاء بهذا الانجاز في الفضاء الامريكي وتوجيه رسائل الشكر والامتنان لكل من الجالية السورية الامريكية والى النائب الامريكي جو ويلسون. ..وربما… لولا الحرج لظهر منهم من قال شكرا امريكا…
بداية.. من وجهة نظري لاشك ان اي نقطة تسجل في صفحات النضال ضد رموز العمالة والاستبداد كالأسد وغيره…واي موقف سياسي او دبلوماسي يسجل لغير صالح الاسد لا يمكن الا ان نثمنه عاليا…..ونشكر رواده..
لكن المسالة من وجهة نظري لا تعنينا من هذه الزاوية. نحن كثوار أطلقنا ثورتنا السورية العظيمة…من اجل انتزاع حريتنا وكرامتنا واستقلالنا وسيادتنا. ودفعنا ضريبة ذلك من الدم والتدمير والخراب والتهجير..حتى بات اليوم كياننا الوطني في مهب الريح..وهو مانقره جميعا ..ومن اجل القطع مع نظام دولي متوحش تتزعمه امريكا.بعد ان ثبت لنا من خلال معايشتنا له.انه نظام تمكن من تصنيع وهضم جميع انظمتنا السياسية في سورية وفي المنطقة العربية…فجعل منها مجرد ادوات لتنفيذ اجندته الخاصة في هذه المنطقة من العالم واذاق شعوبها جميع ما ينزع عنها انسانيتها وادميتها..ولا يزال.
فمن منا ينسى قرابة قرن من الزمن ونحن نتنقل من النكبة الى النكسة الى الكارثة ثم الى تهجير ولجوء ونزوح….اعتقد ان لا مبرر لتعداد محطات الذل والمهانة والاستعباد التي عشناها خلال الزمن المذكور والتي نعرفها جميعا…….حيث كان كل ذلك بفعل وقسر وبطش هذا النظام الدولي المتوحش ممثلا بموظفيه وادواته من الحكام والاتباع… وهوالامر الذي دفعنا الى الاقدام على قبول تضحيات والام وعذابات الثورة التي حلمنا بتحقيق اهدافها المحقة والمشروعة..
اذن …نحن ننظر الى ما يصدر عن هذا النظام وزعيمته امريكا تجاه قضايا ثورتنا.. من هذا المنطلق الثوري المستمر. وهو نظام بات مكشوفا في كل ارجاء الكرة الارضية…
ان ثورتنا التي انطلقت وبذلت وتعيش مخاطر ضياع الوطن وتقسيمه…من اجل الأهداف المشروعة التي حملتها وسعت للحصول عليها …تدرك تماما ان من اوصل هذه الثورة الى هذه المرحلة من العجز والمعاناة والاحتواء انما هو نفسه هذا النظام الدولي الذي اشرنا اليه والذي تعرى تماما…في موقفه حيال الثورة على مدى ثلاثة عشر عاما….وها هو اليوم يلقي باخر ورقة توت تستر عوراته في ساحات غزة الشهيدة وتداعياتها…والقادم اعظم….
وعليه يكون سؤالنا مشروعا عندما نسال..لماذا لم تحسم امريكا موقفها من الثورة السورية منذ بدايتها وهي ثورة ترفع رايات الديمقراطية واحترام حقوق الانسان ..؟؟؟؟؟.ولم تساعدها في الخلاص من طاغية دمشق وبناء دولتها الديمقراطية …
وكذلك السؤال التالي …لماذا الان وبعد ثلاث عشرة سنة ..تسمح امريكا بهذه الومضات من المواقف ضد الاسد….؟؟؟؟
ويبقى السؤال الثالث…ترى متى…ستعلن امريكا موقفها الحاسم من عصابة دمشق….؟؟؟؟..
امام واقع كهذا….مليئ بالتضليل والتسويف والكذب والخداع والتيئيس..
عن اي انجاز قانوني امريكي دولي يمكن الاحتفاء به…ويمكن ان نعتقد انه سيخدم تطلعات واحلام شعبنا في الحرية والكرامة والسيادة. …؟؟؟؟
ان شعوبنا المكافحة الطيبة التي اكتوت بنار خديعة الغرب الاستعماري الذي وعد بإنشاء مملكة عربية مستقلة بعد اسقاط الدولة العثمانية في بدايات القرن الماضي …ثم باتفاقيات سايكس وبيكو المعروفة واحتلال المنطقة العربية عسكريا …ثم باحتلال فلسطين …ثم تدمير العراق …وبعدها افشال الثورة السورية..بأساليب المراوغة والافساد والقتل الممنهج…
ان هذه الشعوب بعد دورة عجلة التاريخ هذه لابد انها نضجت وأدركت تماما
لعبة هذا النظام الدولي المافيوية ضد مصالحها ومستقبلها ورخاءها وخاصة شعبنا السوري المكافح.. وعلى راس هذه اللعبة …ان يتمكن هذا النظام من تنصيب وتسييد من يقبل ان يكون ذيلا وراعيا لمصالحه الاستعمارية المفسدة..من ابناء جلدتنا من النخب التي كانت امينة على تنفيذ اجندته والسهر على تطبيقها سواء كانت بدراية او دون دراية منها….
لقد كان شعار ومفهوم السياسة فن الممكن والواقعية السياسية هي البوصلة والمعادلة التي ادارت بها هذه النخب شؤون اوطاننا.. على مدى القرن الماضي واذا بها تدفع شعوبنا من كارثة الى اخرى ومن ذل الى اخر….حتى وصلنا الى مانحن عليه…
أخيرا…لقد اعلن شعبنا ثورته السورية العظيمة لينهي والى الابد معادلة الواقعية السياسية وينهي دور هذه النخب التي تروج لها….كما تبدى أخيرا من خلال الاحتفاء بما ينتج عن زعيمة العالم الاستعماري من تضليل وخداع لشعبنا السوري ولشعوبنا العربية ومن خلال تسويق ما يتماهى مع مشاريعهم الاستعمارية لتجزئة سورية او إبقاء مرتكزات العمالة والذيلية فيها..ولكي يعيد بناء ذاته ووطنه ومستقبله على أسس من مبادئ الحرية والكرامة والسيادة ..
قراءة نقدية موضوعية للقرارات الأمريكية تجاه نظام طاغية الشام والتي تزيد من تغور هذا النظام، نعيش قرابة القرن من النكبة الى النكسة الى الكارثة ثم الى تهجير ولجوء ونزوح…ومحطات الذل والمهانة والاستعباد خلالها نعرفها جميعا وهي من نتاج هذا النظام الإمبريالي الآستعماري ، شعبنا لم يعد يقتنع بهذه البروباغندا لأنه تخرج من هذه المدارس .