اعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن إعادة الرئيس الأمريكي جو بايدن مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان إلى السعودية لاستئناف المباحثات بالرياض حول صفقة تطبيع محتملة مع إسرائيل، بعد فترة وجيزة من زيارة سابقة له، رغم المطالب السعودية الضخمة مقابل التطبيع، يدل على أن إدارة بايدن لا تزال تتمسك بأمل كبير لإنجاز اتفاق بين الرياض وتل أبيب.
وتتقاطع زيارة سوليفان الجديدة إلى المملكة، وهي الثانية خلال أقل من 3 أشهر، مع الأنباء الواردة حول صفقة ضخمة مرتقبة بين السعودية والولايات المتحدة يتردد أنها ستشمل ما هو أكبر من اتفاق لتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
تفاؤل حذر
ووفقا للتقرير الذي نشرته الصحيفة الأمريكية، وترجمه “الخليج الجديد”، فإن المسؤولين الأمريكيين الذين كانوا في جدة برفقة سوليفان، الخميس الماضي، أبلغوا بشكل خاص زملائهم أن المشاركات سارت على ما يرام وأعربوا عن تفاؤل حذر بإمكانية إحراز تقدم مع استمرار الدبلوماسيين على الأرض في المحادثات.
وكان بيان للبيت الأبيض، قال إن سوليفان سافر إلى جدة “لمناقشة المسائل الثنائية والإقليمية، بما في ذلك المبادرات لتعزيز رؤية مشتركة لمنطقة شرق الأوسط أكثر سلماً وأمناً وازدهاراً واستقراراً ومترابطة مع العالم”.
وفي حين أن إدارة بايدن في البداية لم تكن متفائلة بشكل خاص بشأن فرص التفاوض على التقارب السعودي الإسرائيلي، خلال زيارة سوليفان الماضية في مايو/أيار، أعرب الأمير محمد بن سلمان عن استعداد أكبر لعقد صفقة، وقرر بايدن تكثيف جهوده، وأجرى وزير الخارجية أنطوني بلينكين برحلة إلى السعودية في يونيو/حزيران الماضي، أعقبتها عودة سوليفان.
إبعاد السعودية عن روسيا
ويقول التقرير إن مساعي إدارة بايدن لدفع الرياض للتطبيع مع تل أبيب، تتقاطع مع جهود أخرى لإبعاد السعودية عن روسيا، بما فيها تعاون الرياض وموسكو المتصاعد في مجال الطاقة، ضمن محاولات واشنطن للضغط على الكرملين لإنهاء حربه على أوكرانيا.
وفي هذا الإطار، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن القادة السعوديين سيعقدون محادثات سلام يومي 5 و 6 أغسطس/آب المقبل، بمشاركة ممثلين من أوكرانيا وعشرات الدول الأخرى بما في ذلك الهند والبرازيل، التي لم تنضم مثل السعودية إلى الجهود الغربية لعزل روسيا، وللمفارقة لن تشارك موسكو في الاجتماع.
وترى “نيويورك تايمز” أن هذه التطورات تسلط الضوء على سلسلة من الديناميكيات المعقدة والمتضاربة في بعض الأحيان، حيث تريد واشنطن تجنيد الرياض ضد الروس، ومنعها من الاقتراب من الصين، وجمعها مع إسرائيل، والتنسيق معها ضد إيران ، وإقناعها بوضع حد نهائيًا للحرب في اليمن المجاور، ومنعها من إثارة الحرب، وصولا إلى محاولة الوصول إلى حل في مسألة أسعار النفط وخفض الإنتاج مع اقتراب عام الانتخابات الأمريكية.
لكن، وفي قلب هذه التحركات الأمريكية، تقع صفقة التطبيع بين السعودية وإسرائيل، والتي لو انهارت قد ينهار كل شيء، كما يقول توماس فريدمان، الكاتب الشهير.
خطورة فشل اتفاق التطبيع
هنا، تبرز أهمية التعاطي مع المطالب السعودية الضخمة من واشنطن مقابل موافقتها على التطبيع مع تل أبيب، والتي تضمن اتفاقية أمنية متبادلة مع الولايات المتحدة وتطوير برنامج نووي مدني يمكن للبلاد من خلاله تخصيب اليورانيوم الخاص بها.
ويريد السعوديون تحالفًا، على غرار الناتو، مع الولايات المتحدة يكون فيه الهجوم على أحدهما هجومًا على الآخر، وهو من المحرمات منذ فترة طويلة بين صانعي السياسة الأمريكيين الذين لا يريدون الالتزام بالدفاع عن نظام ملكي غير ديمقراطي.
أيضا، قيل للإسرائيليين، إن الملك سلمان، الذي تنازل عن الكثير من السيطرة لابنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، تدخل في المفاوضات للإصرار على أن تتضمن أي صفقة تحركًا إسرائيليًا واضحًا تجاه الفلسطينيين، وفقًا لمسؤول دفاعي إسرائيلي تحدث عن شرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة المعلومات الحساسة.
وتأتي تلك المفاوضات في وقت احتكاك بين الولايات المتحدة وإسرائيل حيث يدفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من خلال تشريع للحد من السلطة القضائية في تحد للسيد بايدن ومئات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع.
المصدر | بيتر بيكر ورونين بيرجمان / نيويورك تايمز – ترجمة وتحرير الخليج الجديد