منذ مرحلة تشكيل الحكومة الحالية التي جاءت بولادة قيصرية بعد فوضى وفراغ دستوري ، كنا مدركين جيداً أن العملية السياسية الحالية قد إنتهت ، والسوداني لن يكون منقذاً لها مهما إجتهد وعمل بمساحة مستقلة ، فشياطين الأحزاب وأذرعتهم لا زالت تنخر الوزارات والمؤسسات بصفقات مشبوهة ، وصورهم أصبحت مشوهة وتثير الاشمئزاز لدى الجميع ، لقد كان هنالك أملأ عند بعض من رعاة العملية السياسية في الخارج الذي طالب بإعطائهم فرصة أخيرة ، لكن بعد إحتدام الصراع بين جميع الكتل والاحزاب دون إستثناء وانعكاسه الواضح على مؤسسات الدولة من خلال فشلها في معالجة جميع الملفات الخدمية والأمنية إضافة إلى التفريط بالأموال العامة ، وبعد إقرار ميزانية العار ووضوح بعض من عوراتها المخفية ، تأكد للجميع أن البلاد ذاهبة إلى الفوضى الإدارية ، والبقرات السبع السمان سوف تبتلع البقرات الضعاف وتلتهم الأخضر واليابس .
لقد كشفت الحكومة الحالية مقدماً عن عورتها وعجزها في إدارة البلاد أمام هيمنة القوى والأحزاب الحاكمة ، فسعت تحت ضغطهم لإقرار هكذا موازنة وأخرجت قرارات مرتبكة لتغطي فضائحهم وسرقاتهم السابقة كي تنقذهم من المسائلة القانونية ، حتى يتمكنوا من ترتيب أوراقهم وعلاقاتهم الداخلية والخارجية بكل الطرق المتاحة لديهم ، على أمل إقناع المحتل الأمريكي بتمديد المرحلة السياسية الحالية لكن خطواتهم أصبحت متأخرة ، فرغم كل ما قدمته هذه الأحزاب من تنازلات مكشوفة وغيرها للقوى الخارجية ، إلا أن منابع علاقاتهم ودعمهم من الحلفاء الإقليمين قد جفت ، وخاصة الحليف الإيراني الذي ذاق بهم ذرعاً ، وأصبح يشعر أن الوقوف خلفهم يسبب ضرراً كبيراً يهدد أمنه القومي ، وأدرك أن هؤلاء لا يمكن إصلاحهم وإن الوقوف معهم لا جدوى منه ولا يحقق الطموح ، إضافة إلى معرفته أن الجانب الأمريكي قد إتخذ القرار النهائي بتغيرهم ، وما بقائهم المؤقت إلا لتحقيق خطوات وترتيب أوراق قادمة ، لذلك سارعت إيران لهذا الطلاق الخلعي ، وما هو إلا وقت قليل حتى تعقد المحكمة جلستها لإعلان الطلاق رسمياً وبشهادة المرجعيات الدينية ، حتى التدخل الخليجي لن يستطيع أن ينقذ هؤلاء ، بالرغم أن لدول الخليج حظوة عند الغرب وسطوة وحظوة على أحزاب الشيعة والسنة والكرد ، لكن { المرحلة المظلمة الثانية } في تاريخ العراق قد أذن برحيلها ، خاصة بعد خروج زعيم التيار الصدري من العملية السياسية وإخراج أتباعه من البرلمان والإدارات التنفيذية وهو إيذاناً بإنتهاء وطي هذه المرحلة .
كنا نتمنى على السوداني أن لا يتورط وتجر قدمه بأفعال الآخرين ، سيما وهو لديه علم مسبق أن لا بقاء لهذه العملية مهما جهد وعمل من إسعافات لإنعاشها .
أخيراً نقول للمدافعين عن هذه المرحلة أن يكفوا في الدفاع عن هؤلاء ويبقوا شيئا للقادمين الجدد «الذين لن يكونوا من رجالات حكم المرحلة الماضية ولا ممن تلوثت أيديهم بالمرحلة الحالية» ، بل ستكون أيادي بيضاء نظيفة وطنية ذات كفاءات عالية وبناءة والعراق مليئ بهم .
{ إِنَّهُمۡ يَكِيدُونَ كَيۡدٗا (15) وَأَكِيدُ كَيۡدٗا (16) فَمَهِّلِ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَمۡهِلۡهُمۡ رُوَيۡدَۢا }صدق الله العلي العظيم