لم يعد غائباً عن وعي اي منا نحن السوريون او العرب بعد الثورة السورية او ثورات الربيع العربي الأخرى حقيقة وجوهر منظومة الحكم التي تحتل السلطة في البلدان العربية وخاصة الوطن السوري لناحية مسؤوليتها وموقعها من السلطة والشعب، وبنظرة بانورامية لهذه الحقيقة منذ الاستقلال الاول حتى الان نجد كم ان الفجوة ظلت كبيرة بين الشعب ورؤاه وتطلعاته ومصالحه وحقوقه ومستوى التنمية التي تمنحه اياها خيرات الوطن وثرواته وبين انظمة الحكم ورموزه التي توالت على السلطة، هذه الفجوة التي بقيت على اتساع وعمق متزايد طوال اكثر من نصف قرن: هي التي انضجت ما سميناه بثورات الربيع العربي ومنها الثورة السورية التي تندرج في المقام الاول من هذه الثورات لأنها كانت أكثر دموية واشد تحديا واطول زمنا ومواجهة لأطراف الثورة المضادة بكل اشكالها ولازالت في هذا الاطار.
ومن منطلق الاشارة الى قضية المواجهة التي تمارسها الثورة السورية التي لازالت تستعر في صفوف ابنائها منذ اثني عشر عاما وحتى اليوم وحيث يعنينا كثوار مسألة النضال والعمل الثوري في سبيل تعزيز ودعم هذه المواجهة كمقدمة لنصرة الثورة وتحقيق اهدافها كاملة…يهمنا ان نضيئ على المفاصل الرئيسية التي تشكل أحد ادوات الصراع التي تخوضه الثورة في سبيل المواجهة والعمل الدؤوب نحو النصر.
وعليه يحضرنا هنا دور النخبة السورية كمفصل هام من المفاصل الرئيسية التي أشرنا اليها والذي لم يرق مطلقا الى متطلبات الثورة وادارتها وكان ولازال يتجلى بأشكال وطرائق عمل يعتريها الكثير الاعظم من امراض السياسة والفكر والمواقف التي لم تخدم الثورة في يوم، بل كانت رافدا داعماً لأساليب وعمل الثورة المضادة.
في هذا السياق …وحده يظهر لدينا في الساحة الثورية الاستاذ محمد سعيد سلام.. منتجا لخطاب.. ثوري حقيقي…. جذري الموقف.. حدي الرؤيا.. عملي التوجه….
فمسالة القطيعة مع الأنظمة الحاكمة كانت واضحة كل الوضوح في أكثر من اضاءة له وكانت في هذه الاضاءة أكثر حسماً وأكثر شموليةً، وإذا كانت الثورة في تعريفها السائد والمتداول هي تغيير جذري لكل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية…فان ما مارسته النخب السورية وما انتجته من مواقف وافكار لم يكن في يوم مبني على هذه الرؤية اي… الجذرية …
وانما كانت اجتراراً لمفاهيم ومواقف مسكونة بقناعات وسلوكيات ومعارف.. المراحل المأساوية لما قبل الثورة والتي كانت في أعرض عناوينها تعني الانتهازية والبراغماتية والمصلحية والفئوية فلم تكن بذلك سوى مقاتل للثورة وانتصاراً لأعدائها حتى الان، وهذا ما يدفعنا الى القول … ومن منطلق الايمان بالثورة والخطاب الثوري وحاجتنا الى انتاج نخب ثورية حقيقية.
ان ظاهرة الاستاذ محمد سعيد سلام المتمثلة بالموقف والرؤية الجذرية من كافة القضايا التي تتعلق بالثورة ونجاحاتها والتي تعرف كما أشرنا بانها قلباً جذرياً…لكل مناحي الحياة وعلى رأسها هنا… تأتي قضية السلطة التي تعني.. تحقيق المعادلة المعكوسة لمسالة السلطة وعلاقة الحاكم بالمحكوم….
اي كل السلطة للشعب….. هي الظاهرة الثورية الحقيقية التي يمكن الالتفاف حولها والبناء عليها والعمل بموجبها لإنتاج ادارة حقيقية للثورة…
فمتى يحذوا نخبويونا حذو هذه الظاهرة لإنتاج ونشر وتعميق هذه المعادلة الجذرية وجعلها اساسا لخطابهم ورؤاهم وتصوراتهم.
لا شك… أن المسار شائك.. وأن الطريق طويل..
ولا شك أن دون هذا الهدف تحديات عظام…
لكن … ما حدث لنا وتحقق علينا من أساليب وممارسات …ليس لها مثيل في التاريخ حتى في أقذر وأبشع الحروب الكلاسيكية المعروفة.
كل ذلك يستحق أن نغير جذريا في أساليب وطرائق تفكيرنا وعملنا، علنا نستعيد لأجيالنا ما فقدناه على مدى تاريخ وجودنا….
وإن الوصول إلى نهاية الطريق يبدأ بالخطوة الأولى.