مقتل أكثر من 50 طفلاً على يد القوات الأمنية وإضرام النار في منزل عائلة الخميني. على رغم القمع الدامي، لم تخمد حركة الاحتجاجات في إيران. وفي آخر مستجداتها، إضرام النار في منزل عائلة مؤسس النظام الخميني، وترديد المتظاهرين هتافات منددة بالنظام خلال جنازة فتى قالت عائلته إنه قتل على أيدي القوات الأمنية.
وتظاهر إيرانيون مجدداً مساء الجمعة 18 نوفمبر (تشرين الثاني) وهتفوا ضد النظام. ونظم أهالي مدن دشتي، وبارسيان وياسوج، وسقز، وبوكان، وإيلام، وتويسركان، وخوي، وباوه، وقزوين، تجمعات ليلية وقاموا بإضرام النار في الشوارع ورفعوا شعارات مناهضة للنظام، وفقاً لموقع “إيران إنترناشيونال”.
ونظم المحتجون في مدينة قزوين احتجاجات ليلية كما أظهر مقطع فيديو أن الأهالي قاموا بمطاردة أحد عناصر الباسيج قبل أن يلوذ بالفرار، بحسب الموقع نفسه.
وشهدت مدينة ياسوج، جنوب غرب إيران، تجمعات ليلية للأهالي الذين رفعوا شعارات ضد النظام. كذلك، خرج أهالي مدينة سقز بمحافظة كردستان إلى الشوارع وقاموا بإضرام النار في الشوارع.
واظهرت مقاطع فيديو متداولة أن المتظاهرين في مدينة تويسركان بمحافظة همدان أضرموا النار في مكتب خطيب الجمعة وممثل المرشد علي خامنئي في هذه المدينة.
وفي وقت سابق الجمعة، نزل مئات الأشخاص إلى شوارع مدينة إيذه بجنوب غربي إيران خلال جنازة كيان بيرفالاك البالغ تسع أو عشر سنوات، وفق ناشطين، بحسب ما أظهر تسجيل مصور نشرته منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها النرويج، ومرصد “1500 تصوير”.
وقالت والدته خلال مراسم الجنازة، إن كيان أصيب الأربعاء برصاص قوات الأمن، علماً أن مسؤولين إيرانيين شددوا على أنه قتل في هجوم “إرهابي” نفذته جماعة متطرفة.
وسمعت والدته وهي تقول خلال المراسم، “اسمعوا مني كيف حصل إطلاق النار، كي لا يسعهم القول إنه قتل على يد إرهابيين لأنهم يكذبون”، بحسب التسجيل الذي نشره “1500 تصوير”.
وأضافت “ربما اعتقدوا أننا نريد إطلاق النار أو شيئاً كهذا، وأمطروا السيارة بالرصاص… قوات بلباس مدني أطلقت النار على طفلي. هذا ما حصل”.
وفي انتقاد للرواية الرسمية للأحداث هتف متظاهرون، “الباسيج، سباه… أنتم داعشنا”، وفق ما سمع في تسجيل نشرته المنظمة الحقوقية.
والباسيج هي قوات تابعة للحرس الثوري، فيما سباه تسمية أخرى للحرس الثوري.
مقتل أكثر من 50 طفلاً
وفي تسجيل آخر نشره المرصد “1500 تصوير”، سمع متظاهرون وهم يهتفون “الموت لخامنئي”، في إشارة إلى المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي.
وقالت مواقع إعلامية معارضة خارج إيران، إن قاصراً آخر هو سبهر مقصودي (14 سنة) قتل بالرصاص في ظروف مماثلة في إيذه الأربعاء.
وكثيراً ما تحولت جنازات إلى تظاهرات في حركة الاحتجاج التي بدأت عقب وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر (أيلول)، بعد أن أوقفتها شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها بقوانين اللباس الصارمة.
وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أن سبعة أشخاص دفنوا، بينهم فتى عمره تسعة أعوام، مضيفاً أنهم قتلوا على أيدي “إرهابيين” كانوا على متن دراجات نارية.
ونقلت وكالة “فارس” للأنباء المرتبطة بالحرس الثوري، عن حاكم محافظة خوزستان صادق خليليان قوله إن “عناصر أجنبية” تقف وراء ما حدث.
وقال هادي قائمي مدير “مركز حقوق الإنسان في إيران” ومقره نيويورك، “كيان بيرفالاك، تسع سنوات، وسبهر مقصودي 14 سنة، هما من بين 56 طفلاً على الأقل قتلتهم القوات الأمنية الساعية لسحق ثورة 2022 في إيران”.
وقالت “منظمة حقوق الإنسان في إيران” ومقرها أوسلو، إن شعارات منددة بالنظام أطلقت في مدينة تبريز (شمال) خلال جنازة أيلار حقي، طالب الطب الذي يقول نشطاء إنه قتل إثر سقوطه من مبنى محملين قوات الأمن مسؤولية ذلك.
إحراق منزل الخميني
في غضون ذلك انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر اشتعال النيران في منزل عائلة الخميني، وقال نشطاء إن المحتجين أضرموا النار فيه.
وتحققت وكالة “رويترز” من موقع مقطعين عبر ملاحظة أقواس مميزة ومبان تتطابق مع الصور الأرشيفية. إلا أن وكالة “تسنيم” شبه الرسمية للأنباء نفت احتراق منزل الخميني وقالت إن عدداً قليلاً من الناس تجمعوا خارجه.
وتظهر المقاطع المصورة على وسائل التواصل الاجتماعي ابتهاج عشرات الأشخاص عندما اندلعت النار في أحد المباني.
ولم يتسن لـ”رويترز” التحقق بشكل مستقل من تاريخ تصوير المقاطع المصورة. وقال حساب “1500 تصوير” النشط على “تويتر”، إن الحادثة وقعت مساء الخميس في بلدة خمين مسقط رأس الزعيم الإيراني الراحل جنوب العاصمة طهران، علماً أن المنزل تم تحويله إلى متحف.
وقالت وكالة “تسنيم” إن “التقارير كاذبة. أبواب منزل الزعيم الراحل مؤسس الثورة الكبرى مفتوحة للجمهور”.
وتوفي الخميني عام 1989، ويتعرض خليفته علي خامنئي لضغوط شديدة بسبب الاحتجاجات التي تجتاح البلاد وتهتف بالموت له.
موالون للنظام
وأظهرت مقاطع مصورة منفصلة نشرها حساب “1500 تصوير” على “تويتر”، متظاهرين في عدة مدن في إقليم سيستان بلوخستان المضطرب، منها العاصمة زاهدان، وهم يهتفون “الموت لخامنئي”. فيما أظهرت مقاطع أخرى من مدينة جابهار متظاهرين وهم يزيلون ويدهسون لافتة شارع يحمل اسم الخميني.
وذكرت وكالة “تسنيم” أن متظاهرين موالين للحكومة خرجوا الجمعة في مدينة مشهد بشمال شرقي البلاد، حيث لقي اثنان من قوات الباسيج حتفهما الخميس.
وبحسب الموقع الإخباري للحرس الثوري، لقي اثنان من عناصر الاستخبارات حتفهما في اشتباكات مع محتجين ليل الخميس.
وذكر الموقع أيضاً أن ثلاثة آخرين من الحرس الثوري وأحد عناصر الباسيج لقوا حتفهم في طهران، كما لقي عنصر من الباسيج وشرطي حتفهما في كردستان الخميس.
“لحظة حاسمة”
وفي ضوء الاحتجاجات، حيا المخرج الإيراني أصغر فرهادي “شجاعة” مواطنيه الذين يشاركون في التظاهرات ضد النظام، معتبراً أن البلاد تعيش “لحظة حاسمة”.
وقال فرهادي لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش مشاركته في مهرجان مراكش السينمائي الدولي، “أحيي كل الإيرانيين، الجيل الجديد والنساء والرجال الذين نزلوا للشارع ويحاولون انتزاع مصيرهم بأيديهم… أحيي شجاعتهم”.
وأضاف “نحن في لحظة جد حاسمة من تاريخ البلاد، إيران لن تظل كما كانت بعد هذه الأحداث”. وتابع “السؤال الذي يطرح الآن هو ما الذي ستؤول إليه هذه الاحتجاجات؟ وهل سوف تظل الوحدة، الضرورية ليسير البلد نحو الأمام، قائمة بين الإيرانيين؟”.
وسبق لفرهادي الحاصل على جائزة أوسكار مرتين عن فيلمي “انفصال” (2011) و”البائع” (2016)، أن حض في 25 سبتمبر الناس في جميع أنحاء العالم على “التضامن” مع المتظاهرين، عبر فيديو بثه على حسابه على “إنستغرام”.
ودعم عدد من الرياضيين الإيرانيين المشهورين والممثلين والمخرجين علناً الحركة الاحتجاجية، مطالبين السلطات بالاستماع إلى مطالب السكان. وهدد محافظ طهران محسن منصوري باتخاذ “إجراءات ضد المشاهير الذين ساهموا في تأجيج أعمال الشغب”، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء “إيسنا” أواخر سبتمبر.
المصدر: اندبندنت عربية