عندما بدأ الربيع العربي في تونس وأخذ يمتد لمصر وليبيا واليمن …. بدأ الأمل يداعب السوريين ولسان حالهم يقول هل من المعقول ان ندخل عصر الحرية ايضاً .؟. كان الشارع يحمل نفس انطباع النظام (سوريا غير).نعم فالقمع وتغلغل الأمن في مفاصل الحياة والخوف والاعتقال الذي لم يتوقف يوما وانسحاب الناس الى همومهم الشخصية واعتبار الاهتمام السياسي ترفا غالي الثمن وغير مجدي حيث ملأ النظام الحيز السياسي بالكامل وأصبح حضور المعارضه السياسيه رمزيا و نخبة وافراد رموز دون اي فاعلية على الارض.
.في هذا الموات السياسي حضر الربيع وتلقفه الشباب الذي -و في لحظة صحو- أدرك كم يقتقد من حقوقه الانسانية. اكتشف انه منذ طفولته يردد شعارات وأفكار كببغاء لا علاقة لها بالواقع، وانه ينخرط بحياة قطيعيه وأنه محروم من علم نافع، وأنه ضحية فقر مدقع، وانه للبطالة يسير، وقد يحصل على مؤهل علمي ويعمل بجهده العضلي، وإن كان محظوظا يحصل على فرصة عمل في الخليج بعمالة دنيا كالعبيد.
كان يخاف من كل مايمت للسلطة… وهو امام الشرطي ذليل، وعند الامن مرعوب، واذلاله سهل، وهو في اي وقت ضحية لا يعرف لماذا ؟!!. ممنوع من الوعي.. لاوقت لديه… لا قدوه تنير دربه… يعيش غرائزية الحياة ومراهقته حب من طرف واحد، او انفلات دون قيود…
الفقر والجهل وفقدان الأمل وانعدام الفرص تلاحقه…
جاء الربيع العربي ووضع الجميع أمام انسانيتهم المهدورة… الكبار قالوا ﻻ تحلموا بعض الاحلام مميت… الشباب استيقظوا على حقهم بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية. اكتشفوا كم هي صميمية في وجودهم الإنساني وكم هم محرومين منها…
بدؤوا الحركة كانوا بعرف السياسة مجانين… أين تكافؤ القوى مع النظام ؟. أكثر من مليون عنصر امن وعسكر لقمع اي تحرك.. وكل الناس مرعوبين، لا تنظيم ﻻ قيادة..
هو انتحار… ذهاب للاعتقال والقتل والتنكيل دون فائده… تحرك الشباب؛ لنا حق ونريده والثمن سندفعه…
في الجوامع بدؤوا… بعضهم لم يكن يصلي، كانت غصتهم في الصرخة الأولى: حريه حريه الله اكبر… وانطلق المارد الصغير… وبدأت الحرية تحلق في سماء الوطن من المسجد للشارع، واجههم الأمن، ضربهم ونكل بهم واعتقلهم… ياشباب الم تتعظوا ؟. لا، سنستمر لن نقبل ان نعود عبيدا ثانية… انه الموت ، ليكن شهداء… يا مجانين… .مجانين ان عدنا، الله معنا وحقنا بالحرية والكرامة والعدالة يدفعنا للاستمرار…
تحول “القطيع” إلى بشر…
كل متضرر ومظلوم انسانيا بنفسه أو حقه وماله، وجدها ثورته… كان المعارضين أفراد قبل الثورة، اصبح كل الناس مرتبطين فيها… مشارك ومساعد ومشجع وصامت على اضعف الايمان…
بطش النظام وضع الشباب أمام تحولهم ليكونوا وبشكل كامل وقودا للثورة غادروا حياتهم الخاصة وأصبحوا صانعي الحريه في الميدان. يستشهدون فيصبحوا أبطالا يفتخر بهم اهلهم ويدخلون الوجدان الاجتماعي كابطال… تجسد التضامن الاجتماعي باللقمه واللباس والمأوى…
وكلما ازداد القمع والدمار والقتل والتدمير ازداد الاصرار على التحدي واصبح العمل الوحيد عند الشعب اسقاط الاستبداد وبناء دولة الحرية… .اصبح كل شاب ثائر وكل فتاة داعمة للثورة والاباء والامهات توحدوا مع الوطن وقضيته وقدموا أغلى ما يملكون؛ فلذات أكبادهم.
تشردنا نعم… هذا اجرام النظام وعار العالم… هدمت بيوتنا واستشهد اولادنا و اعتقلونا، بعضنا جريح، وبعضنا أصيب بعاهة، نعم هو الثمن لحريتنا…
نحن لسنا ارقام… كل فرد منا كون من المشاعر والحقوق والآمال… ملايننا المشردة، مئات آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين والمفقودين بشر زنبهم انهم طلبوا الحرية في عالم يدعي الحفاظ على حقوق الإنسان…
ثورتنا تعيد الاعتبار لانسانية الانسان في مواجهة قمع النظام وصمت العالم الشريك في الجريمة.
الى ثوار الثورة السورية و….البذور التي صارت اشجاراً. تحية وإصرار على العهد…حتى تنتصر ثورتنا.