لم تخرج اللجنة الدستورية السورية بأي نتائج فعلية حتى الآن رغم مرور ما يزيد عن عامين منذ انطلاق أعمالها، في حين ظهرت فعاليات سياسية عدة على الساحة السورية، كان من أبرزها مؤتمر الجبهة الوطنية الديمقراطية “جود” الذي انعقد في العاصمة دمشق، لكن ضوء “جود” انطفأ قبل أن يشتعل، بعد حصول موجة انشقاقات واسعة كان أبرزها انسحاب تجمع الشباب الوطني بكافة أعضائه من المنصة، للحديث حول هيئة التنسيق الوطنية واللجنة الدستورية، والحركة السياسة السورية عموما التقينا بعضو اللجنة الدستورية السورية أحمد العسراوي، وفيما يلي نص الحوار كاملاً:
_ نبدأ من وجودكم في دمشق، كيف تنشطون كمعارضة في مناطق سيطرة “نظام قمعي”؟
_ يؤلمني أن الإعلام بما فيه الإعلام المعارض لا يعرف طبيعة المعارضة السورية، وبالتالي هو يتعامل معها بموقع الاتهام ويأخذ المعلومات عنها من إعلام النظام، النظام يحاول أن يشير بذلك ويحاول أن يضع هذه الصورة أمام الناس حتى يشوه صورة المعارضة، نحن معارضين لهذا النظام منذ قيامه، منذ سنة 1963 عندما استولى حزب البعث على السلطة، ونحن نتحمل كل مخاطر وجودنا في سوريا، نحن لو لم نكن موجودين في سوريا أين يمكننا الذهاب؟ وقد قُدمت لنا إغراءات لمغادرة البلد ورفضنا.
_ كيف يسمح النظام بوجودكم في دمشق؟
النظام لم يسمح بوجودنا في دمشق، وأكبر دليل على ذلك عدد المعتقلين في صفوفنا، النظام بالأصل لا يريد أن يكون هناك معارضة لا بالداخل ولا بالخارج، لكن المعارضة الخارجية أسهل على النظام من المعارضة الداخلية، لذلك تعامل النظام معنا بمنتهى القسوة، لكن هذا قرارنا، خصوصا أن مشروع التغيير الديمقراطي لم يأتِ مع انطلاق الثورة السورية، إنما جاء ببيان رسمي للتجمع الوطني الديمقراطي عام 1979 وقلنا وقتها أنه ليس هناك حل في سوريا إلا بتغيير النظام، ونحن قد نختلف مع بعض إخواننا بالمعارضة على طريقة التسميات أو إسقاط النظام بكافة رموزه، لكن هذه تعابير كلها تصب في خانة واحدة وهي تغيير وطني جذري شامل وانتقال سياسي يؤدي لتغيير حتى نتمكن من إعادة بناء سوريا الجديدة.
_ بالانتقال إلى مؤتمر “جود” هل تعتقد أنه فشل؟
مؤتمر جود هو مثيل لأغلب المؤتمرات التي يعقدها السوريون، لأن المؤتمر يشارك فيه مختلف التوجهات، ولا يوجد بالأصل انسجام، ولا يوجد رؤية موحدة، والبعض يريد فرض رؤيته على الجميع، أو يرغب بأن تكون رؤيته هي العمود الفقري لهذا الكيان، لذلك نجد بشكل دائم تناقضات، نحن في هيئة التنسيق حسمنا هذا الموضوع، لأن القوى التي شكلت هيئة التنسيق كان تحالف سابق منذ عشرات السنين، وليس حديثا، وبالتالي لدينا في هيئة التنسيق فهم مشترك للقضايا، مع وجود بعض التباينات في بعض المواقف، أما “جود” فلا زالت في مرحلتها الأولى، وليس من المعروف حجم الانتصار فيها للمشروع الوطني الديمقراطي ولا حجم التعامل الموضوعي بداخلها حتى الآن، وهي ليست من مكونات قريبة من بعضها سياسياً، وما يجمع أعضائها هو ضرورة تغيير النظام القائم في سوريا، لكن كل تيار من هذه المجموعات له رؤية لطريقة التغيير، وآمل أن نستطيع الاستفادة من تجربة إعلان دمشق التي فشلت.
_ هذا يوجد التقاء أو خلاف بين هيئة التنسيق والائتلاف السوري؟
_ لا يوجد خلاف سياسي بين هيئة التنسيق والائتلاف الوطني حول ما يتمكن وما يستطيع ممثلي الائتلاف أن يعلنوه، نحن في هيئة التنسيق موقفنا واضح، ما نقوله في إسطنبول كالذي نقوله في دمشق، رغم المخاطر التي نتحملها، أما أعضاء الائتلاف فلا يمكنني القول أن كل ما لديهم واضح، لكن ما يُعلنون عنه نحن متفقون معهم عليه، ولا يوجد بيننا تباين في ذلك، وسبق أن وقعنا مع الائتلاف في أواخر شباط 2015 وثيقة بعنوان “التسوية السياسية في سوريا” ولم نختلف منذ ذلك التاريخ حتى اليوم على مضمون هذه الرؤية السياسية، والتباينات التي بيننا وبينهم ليس لها علاقة بالموقف السياسي، علما أن طبيعة التحالفات بالائتلاف تختلف عن طبيعة التحالفات بهيئة التنسيق، ومشكلة الائتلاف هي عبارة أنه “ممثل للسوريين” نحن في هيئة التنسيق لا ندعي ذلك، وإنما نمثل جزء أو شريحة من السوريين، أما إطلاق تعبير أن الائتلاف يمثل المعارضة السورية أو يمثل الثورة السورية فهي إحدى مقاتل الائتلاف.
_ لكن معترف به كممثل للمعارضة في المحافل الدولية!
_هذه نقطة خلافية، لا أستطيع أن أقنعهم بها، لأنها هي التي أثرت على موقفهم، وقد تصدروا لشيء لا يستطيعون القيام به، وعجزهم ليس نتيجة قصورهم، وإنما بسبب التصدي لمهام أكبر من طاقتهم وإمكانياتهم، والمناطق الخارجة عن سيطرة النظام ليس تحت سيطرة الائتلاف الفعلية، وأرى أن أعضاء الائتلاف ظُلموا بتسميتهم أنهم ممثلين للثورة السورية، وبعض أعضاء الائتلاف أصابه الغرور بجملة “الممثل الشرعي للشعب السوري، وهذه كانت إحدى المقاتل التي دفعت إلى حاضنتهم الشعبية لانتقادهم.
_ هل يوجد اتصال أو رؤية مشتركة مع الأحزاب الكردية؟
_ نحن لا نغلق أبوابنا أمام أحد، وكان حزب البي يي دي أحد شركائنا في هيئة التنسيق الوطنية، لكن الحزب قرأ التجربة السورية بشكل خاطئ، بغض النظر عن الإشعاعات التي تقول إنه مرتبط بالنظام، نحن نريد من الإخوة الأكراد أن يكونوا جزء من النسيج الوطني السوري، لنتعامل نحن وإياهم كسوريين، ونريد أن يستطيع الكرد جميعا التوافق على مشروع سياسي واحد يكون شريك في الثورة السورية، وإلا لا يمكن التعامل معه، كما أننا كسوريين لا نقبل ولا بأي شكل من الأشكال أن يكون هناك تحت أي مسمى من المسيمات خارج نطاق الدولة السورية الموحدة.
_ هل تعتقد أن الإدارة الذاتية آثرت التعامل مع النظام أكثر من المعارضة؟
_ لقد ارتكبت الأحزاب الكردية خطأ استراتيجيا متكررا، وهو محاولة الاستفادة من المتناقضات، لكن ما يحلموا به من قيام دولة كردية مستقلة لن يمنحهم إياه لا النظام ولا المعارضة، لكنهم لو حسموا أمرهم وكانوا جزء من المعارضة لكانوا استفادوا أكثر من طريقة اللعب على المتناقضات، لو أعلن الأكراد الآن أنهم جزء من النسيج الوطني السوري، لكانت باقي القضايا مفاوضات قابلة للنقاش، وخلافات ثانوية.
_ اللجنة الدستورية.. إلى أين؟
_ موضوع اللجنة الدستورية ليس بسيطا وليس معقدا، فاللجنة الدستورية وفق رؤيتنا هي مفتاح للعملية السياسية التفاوضية، وهذه العملية لها أربع محاور: هيئة الحكم الانتقالي، والعملية الدستورية، والعملية الانتخابية، والأمن ومكافحة الإرهاب، لكن كل جهة تقرأ هذه المحاور بطريقة مختلفة عن الآخر، علما أن اللجنة الدستورية ليست بديلة عن العملية السياسية، وإنما قد تكون مفتاح لها، ونحن تعاملنا معها على هذا الأساس، مستندين على تصريح الأمين العام للأمم المتحدة بعد انتهاء مؤتمر سوتشي، وهيئة التفاوض السورية لم تشارك في سوتشي.
_ هل فشلت اللجنة الدستورية فيما أُنيط لها؟
_ لا أرى أن اللجنة الدستورية فشلت، لكنها لم تستطيع أن تتقدم، لأن فريق الحكومة لا يريد أن يذهب إلى إنتاج أي شيء من أعمال اللجنة الدستورية، لأن النظام يحاول أن يستفيد بأي لحظة من لحظات الوقت لعله يستفيد من أي متغير دولي، لذلك يريد تنييم اللجنة الدستورية قدر الإمكان.
_ ماذا عن تطبيع بعض الدول العربية مع الأسد؟
_ هناك بعض الدولة العربية لم تقطع علاقاتها مع النظام من الأساس، وبعضها كان موقفها رمادي، وبعضها كان لها مصالح اقتصادية أو أمنية نتيجة ظروف محيطة بها أو ارتباطات بالنظام، لكن التطبيع ليس هو المفتاح.
المصدر: ملفات سورية