تشرفت بإدارة وتقديم والمشاركة في الندوة المُخصصة للاحتفال بالذكرى المئوية لميلاد المثقف الكبير، والكاتب المُشتغل بالفكر والفلسفة، والسياسي المرموق الأستاذ “محمود أمين العالِم” (وُلد في 18 فبراير عام 1922)، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس حتى رحل عن دنيانا في العاشر من يناير عام 2009.
وقد شارك في هذا اللقاء ثلاث من الشخصيات البارزة علمياً وثقافياً: الدكتورة “شهرت العالِم”، إبنة الراحل الكبير، ودارسة العلوم، ورفيقة النضال في الحركة الوطنية الديمقراطية لطلاب مصر في عقد السبعينيات وما تلاه، والمترجمة المتميزة. والأستاذين الكبيرين: الدكتور “صلاح السروى”: الناقد الأدبي والأستاذ بكلية الآداب جامعة حلوان، والدكتور “مجدى عبد الحافظ” أستاذ الفلسفة الحديثة والمُعاصرة بجامعات حلوان والسوربون والكويت.
تناول المتحدثون جانباً من سيرة حياة الأستاذ “محمود أمين العالِم” الحافلة، ومعاركه الفكرية والثقافية والعلمية، ، وقد قدّم الدكتور “السروى” إطلالة متعمقة على جهد الأستاذ “العالِم” في طرح مفهوم جديد لدور الأدب في المجتمع، وخاصةً المع13ركة الشهيرة حول كتاب “في الثقافة المصرية”، الذي صاغه مع رفيق دربه الأستاذ الدكتور “عبد العظيم أنيس”، وردود فعله المدوية في الواقع الثقافي المصري والعربي، كما أبرز الدكتور “عبد الحافظ” في مداخلته التي حملت عنوان “العلم والفكر والثقافة والفلسفة” في فكر الأستاذ “محمود أمين العالِم” أبعاد الرؤية الفلسفية للأستاذ “العالِم” في إطار الإشارة إلى رسالته للماجستير تحت عنوان: “فلسفة المُصادفة الموضوعية في الفيزياء الحديثة ودلالتها الفلسفية”، وملامح المشروع المجتمعي الحضاري” عنده.
تميزت الندوة بالثراء والعمق والموضوعية في طرح الأفكار وعرض الآراء.
ويُذكر أن الأستاذ “محمود أمين العالم”، الذي وُلد بحي “الدرب الأحمر” الشعبي بالقاهرة، عاش عمره كله مُناضلاً اشتراكياً، ووطنياً صُلباً، ومُدافعاً عن مصالح الطبقات الشعبية، وتعرَّضَ للاعتقال والتعذيب والفصل عن العمل لسنوات طويلة، وعمل مُدَرِّساً للفلسفة بآداب القاهرة، ورئيساً لـ “المؤسسة العامة للكتاب” ، ولمجلس إدارة “مؤسسة المسرح والموسيقى والفنون الشعبية”، كما رأس مجلس إدارة “مؤسسة أخبار اليوم”، كما درَّسَ في جامعة أكسفورد، جامعة باريس، وجامعة عدن، وله العديد من الدراسات المهمة في النقد الأدبي والسياسة والفلسفة، من أبرزها:
“في الثقافة المصرية” (بالاشتراك مع الدكتور”عبد العظيم أنيس”)، (1955)، “ثلاثية الرفض والهزيمة” (1985)، “مفاهيم وقضايا إشكالية” (1989)، توفيق الحكيم مُفكراً وفنّاناً” (1994)، مواقف نقدية من التراث” (1997)، الإبداع والدلالة: مُقاربات نظرية وتطبيقية” (1997)، “من نقد الحاضر إلى إيبداع المستقبل” (2001)، وغيرها من الكتب والدراسات القيّمة.
كل الشكر لمن فكر في الاحتفاء بالرمز الثقافي الكبير، رغم أية خلافات في وجهات النظر والرؤى السياسية والفكرية، الأستاذ “محمود أمين العالِم” صاحب “الإنسان موقف”، و”الوعي والوعي الزائف في الفكر العربي”، في “معرض القاهرة الدولي للكتاب” هذا العام، ولعلها أن تكون مُقدمة لإعادة الاعتبار إلى عدد كبير من مثقفينا ومُبدعينا ومفكرينا الكبار المُهملين، الذين تحتاج البلاد لأفكارهم ورؤاهم العميقة، في هذه الفترة الحرجة من حياتها، أكثر من أي وقت مضى.
المصدر: صفحة أحمد بهاء الدين شعبان