من البصرة الى الموصل يزداد يوما بعد آخر تغول المليشيات الطائفية التابعة للولي الفقيه، في مختلف مدن العراق تطرد المليشيات الطائفية التابعة للولي الفقيه الإيراني من يحلو لها من قوات امنية وجيش ومسؤولين لتضع بدلهم أشخاصا تابعين لها وتحتل مناطق متفرقة وتفرض نفسها عليها بطرق ملتوية للسير في تشييد “الهلال الشيعي” الذي تصدر ايران ثورتها عبره الى خارج حدودها. و “طريق السبايا” هو أحد هذه الطرق، وهو طريق قامت المرجعية الدينية قبل أيام بتشكيل وفد تزعم بانه “علمي” لترسيمه وتحديد مسار ما يسمى “بقافلة سبايا” معركة الطف في كربلاء باتجاه سوريه. يتكون هذا الوفد من مجموعة من المعممين الذين ظهروا مع الغزو ممن تكتظ بهم شاشات القنوات الطائفية المختلفة المروجة للفقيه الإيراني.
“طريق السبايا” المزعوم هذا ليس الا خطوة جديدة للمضي بتشكيل الهلال الشيعي بحجة سبايا آل البيت لوضع اليد على مدينة الموصل بعد ان تم السيطرة واحتلال مدينة سامراء بافتعال تفجير المرقديين واغتصاب أملاك سكانها وقتل رجالها وسجنهم وعزل المرقد عن جزء من المدينة ببناء ممر طويل مسيج خاص بالزيارات الطائفية التي تأتي من إيران وغيرها. تبع ذلك احتلال منطقة جرف الصخر وتهجير أهلها بالكامل وتحويلها الى قاعدة عسكرية ومصانع للصواريخ وسجون لتغييب أبنائها حتى أصبح الكلام عن جرف الصخر تابو لمنع أي شخص مهما كان منصبه من التقرب منه حتى لو كان رئيس وزراء للحكومة. وما حدث لمدينة ديالى لا يختلف عن غيرها من المدن التي شهدت تطهيرا طائفيا واسعا وابادة سكانية ممنهجه وهو ما يعيد الرعب لمدينة الموصل التي دمرها الاحتلال الغربي بإدخال الإرهاب المصنوع لإفراغها من العسكريين والرجال المناهضين للاحتلال والغزو ليهجر نصف سكانها ولتدمر المدينة بعملية عسكرية قادتها فرنسا من الالف الى الياء كما قالت وزيرة الدفاع فلورنس بارلي ، ولتدخلها بعد التدمير مليشيات الحشد التي انشأها قاسم سليماني بنفس طرق تجنيد بلدان حلف الأطلسي للإرهابيين الذين دخلوا الى المدينة بهدف تهيئتها لعملية التدمير المقبلة التي تحددت عشية الانتخابات الامريكية املا بفوز هيلاري كلينتون بها واحتساب هذه العملية انتصارا للحزب الديمقراطي. وما دخول المليشيات الى مدينة سنجار الا بداية لقضم كل الموصل وحزامها من الاقضية والبلدات. فقد اغتصبت المليشيات الطائفية ومعها أعضاء من حزب العمال الكردستاني PKK في سنجار عقارات مختلفة واتخذتها مقرات دائمة لها وتم لها التصرف بموارد المدينة بالكامل بعد ان تم تهجير أهلها بحجة داعش. ورغم رفض الحزب الديمقراطي الكردستاني لهذه الانتهاكات باعتبار ان مدينة سنجار هي من “المناطق المتنازع عليها “، وضغطه على رئيس الوزراء الكاظمي لإيجاد حل يتم بموجبه اخراج هذه المليشيات واعوانها ليتمكن السكان المهجرين من العودة الى ديارهم التي طردوا منها، وقيام الكاظمي بتوقيع اتفاق بينه وبين حكومة الإقليم يقضي بإخراج المليشيات، الا ان هذه الأخيرة لم تحترم الاتفاقية بل قامت شكليا بترك بعض المقرات لتستولي على أماكن أخرى غيرها بل زاد توسعها الى مناطق باتجاه الحدود السورية. ليس ذلك فحسب بل ان هذه المليشيات استخدمت حيلا أخرى مثل تحريك مجموعة من الاتباع في تظاهرة لمطالبة الحكومة للإبقاء عليهم. وتستغل هذه المليشيات وقادتها مناسبة مرور عام على اغتيال قاسم سليماني للاستعراض والتعبير وارسال رسائل عن وجودها الواسع في العراق مستغلة انشغال الإدارة الامريكية بالانتخابات، فقد احتفلت مليشيات الحشد الشعبي في البصرة بهذه المناسبة حيث تم عزف النشيد الوطني الإيراني ورفع الاعلام الإيرانية، ما أثار غضب الشارع العراقي الذي يرى في استذكار قاتل أبنائهم والمسؤول هو وبلده عما يجرى في العراق منذ الغزو واعتبروه انتهاكا للسيادة وعملا غير مرحب به. ليس ذلك فحسب بل ان فالح الفياض رئيس هيئة الحشد ذهب لحضور مراسيم احياء ذكرى سيده سليماني والمهندس بالتحديد في مدينة كركوك وألقى خطابا حول العلاقة العربية الكردية التي “لن تمر بأفضل من تلك المراحل التي شاركت فيها قوات البيشمركة والحشد الشعبي معا في الدفاع عن المنطقة في حرب داعش ” مطالبا كما كل التابعين العراقيين للحرس الإيراني بخروج القوات الامريكية الذي لا يعدو الا ان يكون موقفا للتفاوض مع ايران لا علاقة له بالعراق وسيادة العراق التي يصمت عن انتهاكها برلمان وحكومة الاحتلال في الخضراء بشكل دائم ومستمر !
تبدو مليشيات الحشد الشعبي وقادتها الحكومة الفعلية في العراق، تصول وتجول في ظل حكومة هي الأضعف بين حكومات عملية الاحتلال السياسية، فهي الجهاز المنفذ بامتياز لأجندة الولي الفقيه وقيادة الحرس الثوري الإيراني ، لذا لم يتأخر رئيس الوزراء الكاظمي مباشرة عقب تعينه في منصبة من الانصياع وقبول ارتداء زي الحشد الذي قام فالح الفياض رئيس الحشد بإلباسه له، تبع ذلك العديد من الاحداث أهانت فيها المليشيات الحكومة حينما قامت بإطلاق سراح مهاجمين للسفارة الامريكية واحتلال بناية مكافحة الإرهاب الواقعة في المنطقة الخضراء واعتقال العسكريين العاملين فيها والدوس على صور الكاظمي دون ان يكون هناك أي رد فعل منه او من الحكومة على مثل هذه التصرفات.
ان أرتداء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لزي الحشد يضاعف مسؤوليته في قتل المتظاهرين العزل وفي خطفهم وتعذيبهم لأنه وبهذا التصرف يعلن عن نفسه واحدا من مليشيات قتلة المتظاهرين التي لم تعد طرفا ثالثا ولا مجهولا كما كانت في عهد رئيس الوزراء المقال عادل عبد المهدي بل هي تشارك بأسمائها وتصريحات قادتها في قمع التظاهرات اليوم كما تفعل سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر او المليشيات الولائية او جماعة عصائب اهل الحق التي يترأسها الهارب قيس الخزعلي إضافة الى مسؤوليته كقائد عام للقوات المسلحة.
طريق السبايا المزمع ترسيمه من اجل الهلال الشيعي هو عملية تجريف جديدة وعملية تهجير وابادة وتغييب واعتقال وسجن متزايد للعراقيين والتحضير له ينذر بوقوع جرائم أخرى من جرائم التطهير الطائفي والعرقي في وقت لم تنتشل ليومنا هذا جثث عملية الإبادة التي قام بها التحالف الغدبي لم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بعد الحرب العالمية الثانية.
لن يستسلم ثوار العراق لهذه الخطط الخبيثة للاحتلال الإيراني بل سيمزقوا خرائط طريق السبايا. رغم عام من القتل ومئات الشهداء والاغتيالات والاخفاء القسري والتهديدات والسجن يخرج الثوار من بيوت العراقيين منتفضين صارخين بالحرية ورفض الاحتلال امريكي وايراني مقسمين باسترجاع العراق، تتصدر مدينة الناصرية الثورة كما فعل أهلها منذ تشرين الماضي لتشعل في مدن العراق الأخرى جذوة الوطنية والمواطنة والحرية ولتتعانق كل المدن من شمالها الى جنوبها بمشاعر المعاناة والظلم المشترك وطغيان من جاء بهم المحتلين من الفاسدين والقتلة والاشرار الذين تفننوا في أذلال شعب وارض وتاريخ وحضارة وامة ولم يتوانوا عن أي وسيلة لتحقيق خطط الاحتلال الأمريكي الإيراني. مرة بعد أخرى ورغم القتل والحرق والغدر، يعود الشعب العراقي من البصرة الي الناصرية لنصب الخيام في ساحات التحرير ترتجل نسائه اليوم أهزوجة الإصرار والعزيمة والشجاعة والصمود بهذه الكلمات: الغيرة وصتنا وصية ما نعوف الناصرية، قمعوا بينا شما قمعتو نزيد ، الغيرة وصتنا وصية احنا أصحاب القضية.
المصدر: العراق العربي