
- النقد أهم عملية فكرية سياسية دافعة إلى التقدم، ونقد السلطة القائمة عمل مطلوب في كل لحظة، وهو لمصلحة البلد وأهله ومصلحة أي سلطة، شريطة أن تتوافر في النقد سمتان هما الموضوعية وآداب اللغة والخطاب (وهذا حديث يطول).
- والسلطة إن توافرت لديها الرغبة في، والإرادة لـ، السير بالبلد نحو الأمام ستستفيد من كل نقد. السلطة القائمة اليوم في سوريا تحتاج إلى النقد أكثر من أي سلطة أخرى بحكم المشكلات العميقة في البلد والتحديات القائمة. وإن آخر ما تحتاج إليه أي سلطة عاقلة هو التطبيل والتزمير لها. ومن واجب المثقفين والسياسيين والناشطين المدنيين والإعلاميين، وجميع السوريين، ومن حقهم أيضًا، أن يشبعوها مراقبةً ونقدًا.
- في أحد التعريفات المهمة للنقد، أن النقد يُوجَّه إلى ما يستحق النقد فعلًا، لأن هناك سلطات ومعارضات وقوى وشخصيات ما دون النقد أو لا تستحق النقد أو من الحماقة صرف الوقت في نقدها.
- هذا النقد لا يمنع إطلاقًا الإشارة إلى ما هو إيجابي عندما يكون موجودًا وإلا تحول النقد إلى حالة عصابية مرضية مشكوك في موضوعيته وحصافته وأهدافه.
- كانت هناك اليوم، في باريس، لفتة إيجابية من السيد وزير الخارجية عندما أبدى الاحترام لشخصيات معارضة كان لها دور في فترات سابقة، بصرف النظر عن اتفاقه أو اختلافه معها، وهذا أساس مهم في بناء البلد ومراكمة النضالات وبث روح التشارك وإشاعة أخلاقيات جديدة في السياسة والمجتمع.
- هذا لا ينفي وجود قطاع تطبيل حول السلطة القائمة لأسباب مختلفة يُسيء إلى كل من يعارضها أو يتعرض لها بالنقد، وهو قطاع خطر ومدمر للسلطة والبلد لأنه يحافظ على آليات النفاق التي كانت سائدة ويغطي على ما يمكن أن يكون خطأ، فضلًا عن نقص معرفته وعدم تمييزه بين النقد والمعارضة من جهة وبين العداوة من جهة أخرى. والأسوأ أن هذا القطاع، بحكم سطحيته، لا يتقن الحوار وآدابه، ولا يعرف إلا استخدام اللغة البذيئة المتوافقة مع هذه السطحية.
المصدر: صفحة حازم نهار