لماذا مطار “التيفور” السوري هدف دائم للضربات الإسرائيلية؟

عدنان أحمد

بات مطار “التيفور” العسكري في ريف حمص الشرقي، والذي يعد الأكبر في سورية، هدفا دائما لضربات الاحتلال الإسرائيلي في سورية، وسط معلومات أنه صار تحت سيطرة إيران والمليشيات التابعة لها.

وأدت الضربة الصاروخية الإسرائيلية، مساء أمس الجمعة، على مطار “التيفور”، إلى مقتل عنصرين من المليشيات الموالية لإيران.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، السبت، أن القتيلين من جنسيات غير سورية، مشيراً إلى إصابة عدد من السوريين نتيجة الغارات.

ولم يحدد المرصد لأي مليشيا ينتمي القتيلان، لكن مليشيا “فاطميون” الإيرانية تنتشر في محيط مطار “التيفور” العسكري، ومنطقة حقول الفوسفات في ريف حمص الشرقي.

وحسب المرصد، فقد تسبب القصف أيضا في إلحاق خسائر مادية بمركز للتدريب على الطائرات المسيّرة في المطار.

وكانت وكالة أنباء “سانا” التابعة للنظام السوري ذكرت، الليلة الماضية، أن إسرائيل نفذت غارات جوية “من اتجاه منطقة التنف برشقات من الصواريخ باتجاه مطار “تي فور” العسكري في المنطقة الوسطى”، موضحةً أن الهجوم أدى إلى “إصابة ستة جنود بجروح، ووقوع بعض الخسائر المادية”.

ويرجع الاستهداف المتكرر لهذا المطار، على مدار السنوات الماضية، من جانب إسرائيل والولايات المتحدة، إلى معلومات متداولة بأن المطار باتت تسيطر عليه إيران والمليشيات التابعة لها.

أهمية مطار التيفور

ومطار “التيفور”، ويعرف أيضاً باسم قاعدة “التياس” الجوية العسكرية، أو مطار طياس العسكري، يقع قرب قرية التياس، على بعد حوالي 60 كيلومترا شرق مدينة تدمر في محافظة حمص السورية. ويضم المطار 54 حظيرة ومدرجا رئيسيا ومدرجين ثانويين، طول كل منهما نحو 3 كيلومترات، ويعد أكبر مطار عسكري في سورية، ويليه مطار الضمير الذي يقع في مدينة الضمير.

ويحتوي المطار على أنواع مختلفة من الطائرات، بعضها حديثة مثل “ميغ 29” و”ميغ 27″ و”سوخوي 35″، كما يحوي أسرابا عدة للطائرات حسب نوعها. والسرب الأول والخامس من نوع ميغ 25، والثاني طائراته من نوع “سو 22″، وسرب آخر من نوع “سو 24”. كما يحتوي على سرب احتياطي مكون من 24 طائرة مجهّزة في أي لحظة للتحليق الفوري من المدرج الاحتياطي الفرعي.

ويوجد داخل المطار دفاعات جوية ورادارات قصيرة التردد محمولة على سيارات، ونحو 136 آلية عسكرية، بينها دبابات من طراز “تي 82”.

وللمطار أهمية استراتيجية بسبب قربه من العراق. وبعد الثورة السورية عام 2011، استخدم النظام السوري وحلفاؤه الإيرانيون هذا المطار لشن هجماتهم العسكرية ضد المعارضة السورية المسلحة في مختلف المناطق السورية. وتشير بعض المصادر إلى أن الإيرانيين يستخدمون أجزاء من المطار قاعدة عسكرية لطائرات مسيرة.

يوم سيطر “داعش” على أجزاء من التيفور

وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، سيطر تنظيم “داعش” الإرهابي على كتيبة الدفاع الجوي في المطار بعد أن حاصر المطار من ثلاث جهات، ودمر ثلاث طائرات حربية تابعة للنظام كانت رابضة داخل المطار.

وقال التنظيم وقتها إنه استحوذ على 30 دبابة و6 ناقلات جنود و6 مضادات طيران من عيار 122 ملم، و7 مضادات طيران من عيار 23 ملم، و4 مستودعات أسلحة خفيفة وذخائر، وكميات كبيرة من مضادات الدروع. وفي عام 2017، استعادت قوات النظام السيطرة على المطار بعد تدخّل عسكري روسي مكثف.

وفي 10 فبراير/شباط 2018، شنت القوات الجوية الإسرائيلية هجوما على مطار “التيفور” تسبب في تدمير برج المراقبة الرئيسي، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان. وفي 9 إبريل/نيسان 2018، قالت وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا” إن طائرات إسرائيلية قصفت المطار، ما أوقع قتلى وجرحى.

كما تعرّض المطار، في سبتمبر/أيلول 2020، لقصف إسرائيلي تسبب في أضرار كبيرة لمدرج المطار وساحته، ما جعل المطار غير صالح للاستعمال، بحسب صور أقمار صناعية.

ووفق مصادر متطابقة، انسحبت القوات الروسية، في فبراير/شباط الماضي، من مطار “التيفور” إلى مطار تدمر العسكري ومستودعات مهين. ووفق المصادر، فإن القوات الروسية أخلت المطار بشكل كامل، حيث سحبت 16 شاحنة محملة بالمعدات اللوجستية والذخائر والأسلحة الثقيلة، إضافة إلى سبع عربات عسكرية وأربع ناقلات جند، لتدخل مطار تدمر العسكري عبر الطريق الشرقي.

وأشارت المصادر إلى أن الانسحاب الروسي جاء بعد رفض المليشيات الإيرانية توجيهات قاعدة حميميم الروسية بضرورة الخروج من المطار لتقليل احتمالية تعرّضه للغارات الجوية الإسرائيلية.

إيران تضع يدها على التيفور

وبعد الانسحاب الروسي، بات المطار تحت سيطرة المليشيات الإيرانية التي تعتبر نفسها أحق بالبقاء في المطار لأنها تمركزت فيه قبل القوات الروسية.

وبحسب ضباط منشقين عن الجيش السوري، فإن مطار “التيفور” يشكل محطة إمداد متقدمة للمليشيات الإيرانية على الطريق الذي يصل العراق بدمشق، ومن هنا جاء رفض تلك المليشيات الانسحاب من المطار، نظراً لما يمثله من أهمية استراتيجية بالنسبة إلى إيران، لا سيما بخصوص نقل الأسلحة إلى سورية ومواصلة إمداد مليشياتها.

وعمدت المليشيات الإيرانية، في الآونة الأخيرة، إلى تعزيز مواقعها داخل المطار، وفي نقطة الرادار الواقعة قرب قرية خربة التياس المحاذية للمطار، كما زادت من مستوى انتشارها في مدينة تدمر، وفق خطة لضمان سلامة الطريق من طهران إلى بيروت، والذي يعتبر طريق تدمر – حمص الجزء الأهم والأخطر فيه.

وكان مصدر عسكري من قوات النظام أبلغ قناة “روسيا اليوم”، عقب غارة جوية استهدفت المطار عام 2018، أن الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لمطار “التيفور” بحجة وجود الإيرانيين فيه “هو محض كذب، وأن السبب الحقيقي يكمن في مسألة أخرى”.

وقال المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن “تل أبيب تعرف إمكانيات هذا المطار ونوعية تجهيزاته”، مضيفاً أنه “ومع شعورها باقتراب نهاية حالة الفوضى وخروج سورية من عين العاصفة، فهي تحاول قدر الإمكان تدمير ما يمكن، لترسيخ قناعتها ومكاسبها في إضعاف القدرات السورية بكافة الوسائل”.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى