على أبواب السنة العاشرة للثورة: إدلب إلى أين؟

رأي الملتقى

على أبواب الاحتفاء بثورة الحرية والكرامة، وبينما تلج هذه الثورة عامها العاشر، منهية عامها التاسع، وهي الثورة التي خاضت كل المعارك، مع نظام فاجر، باع الوطن رخيصًا، على موائد الروس والإيرانيين وسواهم، ودمر البلد وحرقه، من أجل أن يبقى متربعًا على ثرى الوطن، ناهبًا سارقًا لخيراته، قاتلاً لكل حر أو شريف، عبر دور وظيفي طالما اشتغل فيه وعليه الأب المجرم حافظ الأسد، ثم تابعه من بعده ابنه، ليحيل الوطن إلى مزرعة له ولأسرته ومن معه من أركان الدولة الأمنية التي أعلى أسوارها وشيدها، حتى باتت السياسة ملغاة في المجتمع السوري، إلا سياسة هو يريدها من مبايعين ومؤيدين، ارتضوا لأنفسهم أن يُباعوا أيضًا في سوق النخاسة.

وبينما تقترب السنة التاسعة للثورة من الأفول، وحيث خاض شعبنا السوري في إدلب وما حولها المواجهة الدموية الكبيرة لسورية العظيمة، ضد نظام (عصبوي) آلى على نفسه الاحتماء بالخارج، وإنهاء حالة الحراك الشعبي المتحفز والمتطلع للحرية، وبعد ما يقرب السنة المتواصلة أي منذ 29 نيسان / ابريل 2019، من بدء الموجة الجديدة من القتل والحرق والتدمير والقضم، من ريف حماة إلى ريف إدلب، إلى ريف حلب الغربي والجنوبي، وبعد تهجير ما ينوف عن مليون نصف من الشعب السوري إلى أسوار الحدود التركية. جاء توقيع البروتوكول في 5 آذار / مارس 2020 الملحق باتفاق سوتشي الخاص بإدلب، الموقع مؤخرًا في موسكو بين الروس والأتراك، ليصيب السوريين بخيبة أمل كبيرة، حيث تم تثبيت ما وصل إليه العدوان الأسدي من عمليات قضم مستمرة، تمكن من خلالها وعبر الدعم الجوي الكبير من قبل الروس، وكذلك الدعم الإيراني المحموم، عبر الاستمرار في استجلاب المليشيات الطائفية، من كل بقاع الدنيا، لتعيد قيامة النظام السوري، الذي كان قد أضحى في لحظة زمنية ما آيلًا للسقوط، لولا النجدة السريعة الروسية والإيرانية والميليشياتية.

لقد خاض الشعب السوري معركة مهمة في وجه بغاة العالم، وبدون غطاء جوي، وضمن إمكانيات محدودة، وقد شهدنا جميعًا، كيف استطاع أن يتقدم هذا الشعب بكل فصائله، ويحقق الانتصارات المتتابعة، عندما تتوفر الحماية والدعم الجويين، كما جرى بعد 27 شباط 2020، أي إبان استهداف القوات التركية في جبل الزاوية، والتي راح ضحيتها ما يزيد عن 33 من عناصر الجيش التركي، فقد تبين للعالم أن التراجع الذي حصل في صفوف الفصائل قبل ذلك، لم يكن إلا بسبب التفوق الجوي، وعدم تمكين السوريين من أي سلاح مضاد للطيران، بأمر من الإدارات الأميركية المتتابعة، حرصًا على أمن إسرائيل أولاً، ومنع الانتصار على النظام الأسدي، حيث لم ينته دوره الوظيفي بعد، ومازال هو الأقدر على حماية أمن وحدود (إسرائيل) المبتغاة أو المفترضة.

ويبقى السؤال اليوم وبعد التفاهم البروتوكولي الخاص بإدلب، هل سيعود السوريون المهجرين قسرًا إلى منازلهم وقراهم ومدنهم التي غادروها تحت القصف البراميلي؟ ومتى ذلك؟ وعلى أية أسس؟ وكيف سيكون التطبيق الفعلي للشريط الآمن على طرفي m4 وهو12 كيلومتر. ومن سيتحكم فيه؟ وهل يكفي وجود دوريات مشتركة روسية تركية ليعم السلام والأمن؟ ومن يضمن أن لا يقوم نظام الأسد بالاعتداء على السوريين، إن فكروا بالعودة. هذه الأسئلة وغيرها ما يزال لسان حال السوريين في إدلب والشمال يطرحها باستمرار، بلا أية إجابة جدية لا من قبل الأتراك ولا من الروس، وكل ما يقال في ذلك وحوله، مجرد توقعات واستشرافات ليس أكثر.

ما يهم السوري اليوم العودة إلى منزله الذي هُجر منه، ومن ثم التأسيس لحالة جديدة من الآفاق المستقبلية التي تدفع نحو جنيف (وهو ما أشير إليه في البروتوكول المشار إليه)، وكذلك عملية الانتقال السياسي، ليصبح هذا الاتفاق المؤقت أقرب للديمومة، إذ لا يمكن أن يكون المؤقت حامٍ للناس أو منجزًا لتطلعاتهم، كما لا يمكن أن يكون مسار أستانا من يأتي بالحل الذي يرضي الشعب السوري، وهو الذي عانى ما عاناه، جراء أستانا وما أنتجته من مناطق (خفض التصعيد)، التي أدت إلى قضم كل تلك المناطق  واحدة تلو أخرى.
والأيام القادمة ستكون حبلى بالمتغيرات التي لا يرى السوري فيها أي عملية إمساك جدية بما حلم به، من حرية وكرامة وهو على أبواب العام العاشر للثورة. فإلى أين المسير؟؟

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى